هكذا كان اسمي بالمدرسة وبشارع بيتنا وفي كل مكان، نسوا اسمي وأصبحوا يطلقون عليا (بنت الزبال) .
أبي كان عامل في البلدية وكان بيتنا بسيط، لم نكن نأكل زبالة مثل ما كان يعتقدون، كنا عائلة مثل أي عائلة نطبخ ونسهر ونضحك معا .
3 صبيان و2 بنات وأنا أكبرهم، لم ينتبهوا لتفوقي في المدرسة فقط لأني " بنت الزبال"، القليل منهم من كان يكلمني والأغلبية كانوا يخجلون من الجلوس معي .
ولما سألتني المعلمة ما هو حلمك عندما تكبري، جاوبتها طالبة "حلمها تلم الزبالة" وضحكوا كلهم علي ولكني بكيت بحرقة .
ضمتني معلمتي لصدرها وهمست بأذني لا تزعلي ولا تخجلي من عمل والدك، فوالدي كان يعمل حارس عمارة ويشطف الدرج ويلم الثياب القديمة ونلبسها ونفرح فيها كمان ... كوني قوية !
نعم، سوف أكون قوية، هكذا قررت، لن أضعف ولن أدع أحد يضحك علي!
علمت اخوتي أن يكونوا أقوى مني، علمتهم أنه يجب أن لا نضعف ولا نسمح للزمن أن يكسرنا .
مرت سنين طويلة ونجحت بالبكالوريا وتفوقت ودخلت كلية الطب .
تغير الوضع وأصبح الجميع ينادون: جاءت الدكتورة وذهبت الدكتورة .
شعرت أني أطير، فرحت بنفسي وكأني كسرت كل شي كان قاهرني، جميع من ضحك علي، احتاجوني والله اني لم أقصر بحق أحدا منهم .
والان اخواتي الشباب اثنين منهم مهندسين والثالث يدرس طب أسنان واختي بكلية الصيدلة .
تزوجت وأصبحت أم لولدين، ولكن مستحيل أن ننسى انه بيوم من الأيام كان اسمنا "ولاد الزبال ".
كانت هذه الكلمة تذبح والدي أكثر منا ولكننا لم ننسى فضله علينا وبعمرنا خجلنا من عمله. المهم ربانا على للقمة الحلال .
علموا أولادكم أن يحترموا الغير علموا اولادكم الحب والاحترام وعدم التفرقة بين الغفير والوزير .
* أستاذة طب الأعصاب في جامعة حلب الدكتورة رولا الأبيض .