في رأيي أن ابتسامة الفنان محمد القحوم وحركة أدائه كمايسترو كانتا أهم ما رأيت وسمعت البارحة في الأمسية الموسيقية اليمنية الكبرى في المسرح الكبير في دار الأوبرا في القاهرة !
القحوم شابٌ بديعٌ حقاً.. له حضورٌ يضيء
عدد العازفين الضخم كان مهيباً
فخامة مسرح وضخامة جمهور
تصوير وإضاءة سحرٌ على سحر
وحين رأيتُ بعض وجوه الأحبّة في القاهرة وعيونهم المطروبة سَعِدتُ حقاً !
لكنني وطوال الأمسية لم أنطرب كما توقّعت!
ولا الذين سمعوا معي انطربوا أيضاً !
أظن أن شعوري هو شعور معظم اليمنيين في الداخل !
ربما لم نعد نحن الذي كُنّاه !
ربما ماتت مسام أرواحنا وذوَت شغاف قلوبنا ..
ربما لأننا كئيبون ومنكسرون حدّ اللامبالاة !
لا أعرف بالضبط !
رغم ذلك حاولنا أن نرى وأن نسمع
وانبهرنا بما رأينا ولكننا لم نسمع كما توقّعنا !
يكفي أن أشير إلى لحنَي النشيد الوطني وخطر غصن القنا وكيف تم سلقهما وسلخهما حتى خُيّل إلينا في بعض تموّجات عزفهما أننا تائهون في دوّامة !
خطَر غصن القنا والنشيد الوطني من أروع وأجمل الألحان اليمنية وكان يجب تقديمهما بصفاء ونقاء وقوة كلماتهما ولحنيهما.
ذات يوم وقبل أكثر من عشرين عاماً صنع الفنان أحمد بن غودل من جملة موسيقية تراثية صغيرة أوبريتاً ضخماً.. خيّلت بارق قد لمع! ..
كانت أعظم ما أنجز في حياته!
فعل ذلك ولم يخرج عن جوهر اللحن العظيم وما كان له أن يفعل لأن اللحن كان أكبر وأعظم من أن يغيّر فيه شيئا!
وفي تراثنا الموسيقي الباهر ألف خيّلت بارق!
ولكننا ساهون .. دائخون !
من هذه الألحان العظيمة لحن خطر غصن القنا وردّدي أيتها الدنيا نشيدي !
أن تُقدّم التراث الموسيقي اليمني في أوبرا القاهرة فهذا إنجازٌ يُحسبُ لك
ولكنّ هذا لا يعني أن تفقد موسيقاك روح اللحن وجملته الأخاذة ولوعته اليمانية !
تأمّل إبداعات المايسترو الثنائي اللبناني فيكتور وسليم سحّاب في تقديم التراث المصري .. وفي الأوبرا تحديدا وفي القاهرة وبأوركسترا هائلة.. يقدّمان أغاني مصرية قديمة برؤية وبأمانة وحب وعِلْم وحداثة وطرب أيضاً !
افتح اليوتيوب ثم اسمع.. واحكُم !
في النهاية فإن تقديري يظل بلا حدود لِمَن أشرف ونفّذ وعزف وتابع وشارك في هذه الأمسية الموسيقية اليمنية الرائعة والنادرة في قلب القاهرة الحبيبة.
لكنّ تقديري للنجم المضيء الموسيقار المايسترو الفنان الكبير محمد القحوم يظل خاصاً في البداية والنهاية .