ما الداعي للتغيير بن عديو، ماهي الأسباب المنطقية التي تحتم تغييره؟ هل هو فاشل، فاسد، بلطجي، غير جدير، ليسَ وطني؟ كلا. الواقع يقول غير ذلك. لا أنا ولا أنتم ولا هادي ولا السعوديين والإماراتيين. سلوا تراب الأرض وطيور السماء وستخبركم؛ بماهيته. بعيداً عن الحسابات السياسية والانتماء. هل هناك خطة جديدة للحكومة الشرعية والتحالف تقضي بمتغيرات وهيكلة في الحكومة للانتقال إلى وضع جديد ومرحلة جديدة من فصول الحرب الذي بلغ سبعة أعوام، متغيرات استراتيجية تخلق وضع جديد يصب في صالح الشرعية والشعب اليمني الذي أنهكه الحرب والشتات؛ انتصارات، استقرار، تمكين، إنتاج لثرواتنا الطبيعية وإعادة لتصديرها، إقامة دولة حقيقية في المناطق المحررة؟؟ إن كان تغيير الرجل يأتي ضمن خطة جديدة تهدف للانتقال إلى واقع أحسن في عموم البلاد؛ فليذهب بن عديو، ومع السلامة، وشكراً له ألوف. ومرحباً بأي قرار رأسي، وعلى الرحب السعة. أما إن كان التغيير من أجل التغيير، بل ومزيداً من خلق المآسي والتعقيدات في طريق الشعب اليمني، بهدف حسابات سياسية ضيقة: صراع الأقطاب من أجل السيطرة والهيمنة. فهذا مرفوض، وواقع مغشوش لا يقبله عاقل. هذه جريمة، أن لا تقبل الأطراف المتخندقة في الجهة المقابلة للحوثي، ببعضها. تنَكُر قبيح لبسالة الأدوار العظيمة التي يقوم بها كل طرف. بكل بلاهة وخفة، غير مدركين لخطورة وحساسية الوضع السياسي والاجتماعي، لأي قرار سيادي تعين كان أو إقالة، وما لم يأخذ بعين الاعتبار طبيعة المرحلة المركبة وتعقيداتها المتداخلة؛ فإنها بلةٌ في طيننا. ولا يزال هادي، جعفنا العظيم، تاركاً حبله على الغارب. لا يقف أعداءه وأعداء اليمنيين من الداخل والخارج عن صنع المكائد وشد الوثاق على معصميه وقدميه أكثر وأكثر، المكبلانِ منذ العام الثاني من الحرب، حين عرفوا أنه سهل التكبيل وأنه لا بد من ذلك الأمر.. إذ هو مبليا بالنوم واللا تفكير وخالي من البداهة والدهاء، يحيطونه كل ثانية بمشكلة، فيعجر ويعجز حتى يجد نفسه بين خيارات أمر واقع أمَرَهما مر. وهكذا خسرت اليمن كل ما خسرته منذ بداية الحرب حتى اللحظة وهو يسمع أصوات آمره حول أذنيه: غير محافظ شبوة، اخلعه.. ثم يشاهد في اللحظة نفسها قومه من بعيد يهتفون بصوتٍ واحدٍ: إياكَ أن تصغي لهم. الحرب كما يبدو لا تزال طويلة ولا معالم في الأفق أنها ستضع أوزارها في القريب. والصورة القادمة من شبوة والجدل المثار بين مؤيد ومعارض للقرار إقالة بن عديو، محافظ شبوة؛ ما هي إلا صورة من متاهتنا التي غرقنا فيها منذ سبعة أعوام، عندما ركبنا السفينة التي ظننا أنها ستنقلنا إلى بر الأمان فتاهت من النقطة التي تجاوزت بها الشاطئ.. وتخبرنا أننا لا زلنا نضجُ من قلب المتاهة.. كركابِ سفينةٍ لا تزال تصارع الغرق في البحر والظلام دامس بعد أن ظل وربانها طريقه. أو كمسافرين حملتهم بغالٍ حاقدة فتاهت بهم في عراء الرمضاء! لكنه الله.. خيرُ الماكرين وغالب!
حسام الحاتمي
طريق المتاهة! 949