التآمر الذي تتعرض له تهامة ليس شيئاً قليلاً، ولكن للأسف لا بواكي لها .
ما إن بدأت تهامة تتنفس الأمل بقدوم مشروع الدولة الاتحادية، وتحلم بزوال عهود من سياسات الإقصاء والتهميش، إذا بها تفاجأ بعد أشهر معدودة من مؤتمر الحوار الوطني بأفق أسود كالح .
بدأت المؤامرة بتسليم محافظة الحديدة للمليشيات الحوثية عام 2014م، ثم بتجاهل الحراك التهامي السلمي من التمثيل في المؤتمرات واللقاءات السياسية، ثم بتفكيك ألوية المقاومة التهامية الموالية للجيش الوطني، ثم بنزع السيادة عن موانئ الحديدة في اتفاق ستوكهولم، ثم بحرمان تهامة من التمثيل في الحكومة الحالية رغم أنها حكومة محاصصات مناطقية، ثم أخيرا تأتي الفاجعة على أبناء تهامة يوم أمس بخبر تسليم ما تبقى من مديرياتها الجنوبية وتركها مكشوفة للمجهول !
إن حدث ليلة أمس يعتبر بمثابة الإجهاز على حلم مشروع إقليم تهامة، وليس من هدف سياسي أوضح من هذا الهدف .
هذا الإقليم المسالم ليس له من ذنب إلا عراقة تاريخه أولا، وسمو ثقافة وأخلاق أبنائه ثانيا، وسلمية ومدنية حراكه ثالثا، وعدم ارتزاق مقاومته رابعا، وتمسك قواه السياسية والاجتماعية بالهوية اليمنية والمشروع الوطني خامسا .
وفي " خامسا" يكمن مربط الفرس، أي أن تهامة رفضت أن تحول حلمها بمشروع إقليم إلى مشروع تمزيق وتفكيك، فجاءت العقوبة لها بإعادتها إلى حظيرة الإمامة من جديد، في صورة تشبه ما حصل قبل قرن من الزمان، حين سهل الاحتلال البريطاني تسليم تهامة للإمام يحيى -رغم شدة الصراع بين الطرفين على تركة العثمانيين - وليس ذلك التسهيل المشبوه إلا عقابا لقبائل تهامة التي رفضت عروض الاحتلال البريطاني لدعمها لتقرير المصير والانفصال، لأن تلك العروض في نظر تلك القبائل خيانة للدين والعروبة والقبيلة .
بمعنى مختصر: تهامة دفعت ضريبة مواقفها التاريخية وها هي اليوم تدفع ضريبة انتمائها الوطني.. فهل تعي القوى الوطنية هذه الحقيقة المأساة، أم أن الجميع قد فقدوا بوصلة التفكير؟ !