يقف الجميع: اليمنيون، ومن وعدهم بالنجدة ذات يوم، والعالم الذي يدعي الدفاع عن الإنسان وحقوقه، والآخرين.. كلهم في صعيد واحد يتأملون من "أعلى" بصمت وسكون وحشيين؛
كيف تُذبح مأرب! على يد سكين تُحَدُّ باستمرار ولكنها لا ترح ذبائحها. وكأن تلك المذبحة الشنيعة لا تعني إلا المذبوحين فقط. ولا شأن لأحدٍ من العالمين بما يجري لهم .
ألا ترون؟ لا خبر عن طلقة واحدة أُطلقت في: الشريط الحدودي، الجوف، ميدي، الساحل، البيضاء. حتى هذه اللحظة. تقف جميعها متربعةُ اليدين تشاهد مذبحة مأرب، أو تصرف رواتب لجنودها المتربعين الصامتين المتسمرين في أماكنهم .
حتى تعز، كانت إلى وقتٍ قريب، من هجمة الحوثي الأخيرة على مأرب، مثل الجميع: متربعةً تشاهد !
إلا أن المختلف في هذه المدينة أنها: تدرك أن الوقوف والحياد، أمام استشرى الفاشيات، سمات ليست من سيكولوجيتها. وإن وجدت نفسها وافقة تشاهد، فذلك ظرف طارئ له أسبابه، ولكن سرعان ما تدرك وتقهر تلك الأسباب ولو بالمجازفة والسير على الخطوب. وحدها التي تفزع لمساندة مأرب. لا تنتظر ما سيأتي من أعلى، بل تعكس هذه القاعدة وتتحرك من الأسفل إلى الأعلى .
عندما هجم الحوثي، في الأشهر الماضية على مأرب، من البلق والكسارة. أعلنت تعز النفير وخرجت من بيوتها بالخبز والذخيرة إلى" الكدحة" معلنةً حرباً مفتوحة مع شيعة الشوارع. وعندما عاد الحوثي الآن ليدخل من، العبدية والجوبة، خرج جيش تعز الوطني إلى جبهاته في قطاعه الغربي من المدينة. وأشعل العشب الأخضر في وجه الهاشمية السوداء. منذ الأسبوع الماضي، والجنود الذين بلا رواتب وتغذية لأكثر من عام، يقاتلون الحوثي بالرصاص والدخان .
وما عسى أن تفعل تعز وحدها؟
حتى الجبهة السياسية للشرعية، متوقفة !!
وهذا أكثر الخذلانات الباعثة لصدمةِ والجنون !
مع كل هذا الخذلان الذي يعبر عن مدى التدمير المريع الذي طال القيم الإنسانية في العصر الحديث، وأصاب الضمير البشري في مقتل! لا يزال الذبيح، وبعونٍ من الله، عنيداً متمرداً وجباراً مثل التأريخ، لم يسلم رقبته، لتلك السكين السوداء وجموع الأيادي القذرة التي تمسك بها ..
إي بلاء أكثر من ذلك: يترك أصل العرب، المصيبة تحل بهم، باعتبار أبله: إصابة أحدهم، دون الآخرين. ثم يقع الجميع فيها. فيجتمعون حولها، وتبدأ حفلتهم بالبكاء ولطم الخدود. خلال الحرب الراهنة تكرر هذا البلاء أكثر من مرة بنفس الطريقة ونفس الأدوات، وكان أصل العرب، هم أنفسهم بأدواتهم نفسها أمامه في كل مرة. الآن يحدث الشيء نفسه.. وهذا أعظم ما خسره اليمني في هذه الحرب .