;
محمد مصطفى العمراني
محمد مصطفى العمراني

وزاري في مادة " ‏الطلاسم "!! 918

2021-07-04 06:40:59

من المؤكد بأنني حين نظرت إلى ورقة امتحان الرياضيات والتي وضعها المشرف أمامي قد انتابني شعور من وضعوا أمامه ورقة فيها رموز غريبة وطلاسم غريبة واشارات عجيبة ثم طلبوا منه تفسيرها وتوضيح ما فيها ؟ !

shape3

من حولي انهمك الطلاب يجيبون عن أسئلة امتحان الرياضيات في الامتحان الوزاري بنهاية الثانوية فيما بدأت أنا بكتابة الأسئلة ووضع مساحات فارغة للإجابات، اكتفيت بكتابة الأسئلة دون إجابات وكأنني كنت أنتظر الوحي السماوي والإلهام الرباني لأكتب الإجابات .!

الامتحان الوزاري حينها كانت له رهبة مخيفة في نفوس الطلاب، تأتي الأسئلة من الوزارة ولجان مراقبة صارمة، في ذلك اليوم أدركت معنى عبارة " في الامتحان يكرم المرء أو يهان "، العرق يغشاني والقلق قد أصابني بصداع حاد، وحالتي تستدر الرثاء وتستثير الإشفاق، فمي جاف ولساني يابسة كأنه خشبة جافة، الوقت يمضي بينما تزداد انغلاق تلك الرموز والطلاسم التي في الورقة .!

.. ومع هذا فقد اجتهدت وملئت ورقة الامتحان بما اعتقدت أنه الحل مع انني على يقين أنه خطأ لكنني كتبت لعل المصحح يرى جهدي في الكتابة وحسن خطي ويقدر تعبي ويمنحني درجات النجاح كنوع من الاشفاق والإعجاب بخطي .!

  لقد أيقنت حينها بالرسوب في الرياضيات لكنني حزنت على جهد عام كامل من الدراسة فقد كنت أقطع ما يقارب عشرة كيلو متر يوميا مشيا على الأقدام من منزلنا إلى المدرسة البعيدة، في نهاية الوقت سلمت الورقة للمشرف ورأيت جهد ومعاناة عام كامل يتبخر أمامي فزاد حزني . ! 

لو كنت من الأغبياء لهان الأمر لكنني من الطلاب الأوائل والأذكياء، أحرر مجلة المدرسة وأدير الاذاعة المدرسية وأتحدث في المهرجانات والمناسبات وأرسل مقالاتي إلى الصحف لتنشرها ثم أرسب في الرياضيات .!

يا له من تناقض .!

كمن يتذكر موعد إعدامه فيجتاحه شعور عارم بالحزن وتداهمه المخاوف كنت انتظر اختبار الرياضيات في آخر العام، ورغم أنني بذلت كلما أستطيع لأنجو من الرياضيات إلا أنني فشلت .!

أمسك بالكتاب وأحاول تصفية ذهني وبداية صفحة جديدة مع الرياضيات، أحاول استيعاب الدروس وحل المسائل إلا أن الرموز والطلاسم الغريبة تقف أمامي كحائط صلب يستحيل اختراقه، أراها تسخر مني وتخرج لي لسانها ضاحكة علي فاجهش بالبكاء وأرى نفسي ضعيفا قليل الحيلة في مواجهة كابوس الرياضيات المخيف، لقد حفظت الكتاب إلا أنني لم أفهمه وأستوعبه .

  كأنهم قد وضعوا هذه المادة لأجل تطفيشي من الدراسة .!

وبقدر فرحي بنشر إحدى الصحف المعروفة حينها لأول قصة قصيرة كتبتها في العام 2000 إلا أن خبر رسوبي قد مسح تلك الفرحة وجعلني أهوي من شاهق إلى قعر سحيق، كأن جبلا قد تداعت صخوره فوقي، كل ما بنيته من سمعة " الطالب الذكي "خلال سنوات قد أنهار في لحظات . 

في العام التالي أعدت الدراسة لأجل مادة الرياضيات، كانت قصة رسوبي قد اشتهرت في المنطقة، ولحسن حظي فقد تعرفت على مدرس رياضيات متميز قام بتبسيطها لي بأسلوب رائع وسلس حتى استوعبتها وفهمتها .

ورغم أني قد استوعبت الرياضيات إلا أن بعض المخاوف كانت ما تزال تسكنني، كما أن أقاربي خافوا أن تعود لي العقدة من الرياضيات فأنسى في قاعة الامتحان كل ما فهمته ولذا فقد أوصوا المدرس المكلف بمراقبتي بأن يساعدني ويتفهم وضعي لكنه تركني أواجه مصيري لوحدي وذهب إلى خطيبته التي كانت هي ايضا تخضع للامتحان في القاعة الأخرى .!

                   .....

قرأت الأسئلة بكل اطمئنان ثم ارتشفت جرعة ماء وهدأت وبدأت بكتابة الأسئلة حتى أكملتها ثم عدت للسؤال الأول وقرأته بهدوء ثم أجبت عليه ، أكملت الإجابة وأجبت على السؤال الثاني والثالث وهكذا ولم تمض ساعة حتى أكملت الإجابات كلها على أكمل وجه وشعرت بأنني أزحت الجبل الثقيل من صدري وتخلصت من أسوأ كابوس لازمني لعامين متتاليين .

بعد أن تأكدت من نجاحي بتفوق في الرياضيات سلمت الورقة للمشرف ثم خرجت من القاعة كأنني سجين أودع في السجن القاسي ظلما ثم غادره مرفوع الرأس وبيده صك براءته .

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد