من أكثر الأشياء التي تأخذ حيزا كبيرا من اهتمامات وأحاديث عامة الناس قبل حلول شهر رمضان المبارك هي المسلسلات، في أي وقت ستُبث، وعلى أي قناة، ومن هم شخصيات هذا العام؟ ومنذ بداية شهر شعبان بدأت القنوات اليمنية المختلفة كـ السعيدة والمهرية والهوية وحضرموت ويمن شباب عرض اقتباسات من مسلسلاتها المنتظرة، وكلها حريصة ومهتمة بجودة التصوير والإخراج وجذب أشهر الممثلين لكسب أكبر عدد من المشاهدين .
وفي بلد يعيش في ظل الحروب، والفقر منتشر فيه على نطاق واسع، وتهدداه الأمراض والأوبئة، والتجاذبات المناطقية والجهوية على أشدها، كان من المتوقع أن تعالج المسلسلات تلك القضايا وتناقش هموم الناس ومشاكلهم واحتياجاتهم، كما كان يحدث من قبل في مسلسلات: كيني ميني، عيني عينك، همي همك التي طرحت قضايا مجتمعية مهمة مثل الأخطاء الطبية، ومعضلة القات، وحقوق الجيران، والبطالة، وهموم الشباب، والفساد والغش، وغيرها بشكل سلس وفكاهي ولاقت قبولا واسعا .
بيد أن مشاهدة الواقع بعين متجردة يفيد بأن تحولا طرأ بنوعية المسلسلات وأسلوبها في الغالبية العظمى منها منذ اندلاع الحرب إذ أصبحت تبرز فكرة تفرّغ مفهوم الصيام من مضمونه، لا ناقة لنا فيها ولا جمل، ولسنا بحاجة لها ولا تعنينا، ولا تلامس مشاكل المجتمع في شيء، وهي قضية الحب والغرام !
وبدأ ذلك على استحياء وخجل وبالتدريج، ثم تفاقم بتتابع السنوات من خلال إبراز العنصر النسائي بقوة لاسيما الفئة العمرية الشابة، فلم تكن ممثلة يمنية واحدة تجرؤا على إظهار شعرها في أي عمل تلفزيوني قبل سبع سنوات من الآن، أما الآن فحدث ولا حرج، الإعلانات الترويجية تُظهر شابة جميلة بحركات سخيفة وربما ماجنة، مع الاهتمام بعبارات العشق والغرام ليتشوق البعض وينتظر الحلقات بفارغ الصبر، وإذا بدأ العرض بدأوا بسرد قصة حب بين رجل يريد تلك الفتاة وهي لا تريده أو العكس، أو فتاة تزوجت لكنها تريد شخصا آخر، فتراسله وتهاتفه وتشكوا له ليجدا حلا معا، وأغلب القصص تستمر طويلا بلا نهاية مرضية، وأمثلة ذلك كثيرة أنتم أدرى بها .
وتحرص الممثلة تبعا للدور الذي أوكل إليها على إظهار نفسها بأنها شجاعة وجريئة وقوية في معاملتها مع الرجال ويمكنها الاعتماد على نفسها والخروج والدخول والتصرف كما تشاء، ولا وجود عندها أبدا لخصلة الحياء الذي تربت علية النساء هنا كابرا عن كابر. وهناك من يشجع مثل هذه الأطروحات ويدعمها بكل سبل الدعم لاسيما المنظمات الغربية التي تدعي أنها تساعد على تمكين المرأة وتعريفهن على حقوقهن وتشجيعهن على أسلوب الحياة الغربية .
وبهذه المسلسلات يراد تحويل شهر رمضان المبارك من شهر الصيام والقرآن والعبادة والصدقات وسائر أعمال الخير إلى موسم لنشر المفاهيم العلمانية، وأكثر فئة مستهدفة هن النساء في البيوت التي إن تأثرن فإنهن سيربين أبناء تقل فيهم الرجولة وصون الشرف وبنات يرين في التفسخ والانحلال تقدما .