نتابع معكم في هذا المقال الحاقاً لما بدأنا في المقالات السابقة ما تبقي من حلول الإسلام الجذرية التي حمى بها المجتمع والجيش من الحرب النفسية.
والمؤمن لا يستسلم للهزيمة ولا يفكر في الاستسلام أبدا لأن عقيدته تقول أن المؤمن الحق لا يهزم فيدرك في قرارة نفسه سبب هزيمته، فربما هزم لخلل أحدثه أو مخالفة ارتكبتها او إعداد لم يبذل فيه وسعه او ظلم وقع منه، فيصلح خلله وما أفسده ثم يعيد الكرة وسينتصر لا محالة، قال تعالى: (إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ) [آل عمران: 140]، وقال تعالى: (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ) [المنافقون: 8]، وقال تعالى: (وَلاَ يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعًا) [يونس: 65].
كما أن المؤمن لا يصدق الإشاعات والأراجيف ولا يبثها، بل يقضى عليها في مهدها ويفضح مروجيها ولا يسكت عليهم وليس كما هو حالنا هذه الأيام للأسف, قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) [الحجرات: 6]، وقال تعالى: (لَئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ) [الأحزاب: 60]، وقال تعالى: (وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ) [النساء: 83].
والمؤمن يقاوم الأفكار المنحرفة الدخيلة على مجتمعه، لأن لديه من مقومات دينه وتراث حضارته ما يصونه من تيارات الأفكار والعقائد الوافدة التي تناقض دينه وتراثه وتذيب شخصيته وتمحو آثاره من الوجود، قال تعالى: (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ، وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ؛ وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ، وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ؛ لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ) [الكافرون: 1-6].
وقال تعالى: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي، وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) [يوسف: 108].
والمؤمن لا يقنط أبدا من نصر الله ورحمته قال تعالى: (لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا) [الزمر: 53]، وقال تعالى: (قال ومن يقنط من رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ) [الحجر: 56]، وقال تعالى: (وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ) [الروم: 36]، وقال تعالى: (وَإِن مَّسَّهُ الشَّرُّ فَيَؤُوسٌ قَنُوطٌ) [فصلت: 49].
تلك هي الحلول الجذرية السهلة البسيطة التي يعالج بها الإسلام آفات الحرب النفسية على المجتمعات والجيوش.
لو قارنا بينها وبين الحلول التي اعتمدها غير المسلمين نجد عظمة الدين الإسلامي في حماية المسلمين من شرور الحرب النفسية وآثارها المدمرة،
قرأت مقولة منصفة لـ(برناردشو) في رسالته (نداء العمل) قال فيها: "إن محمدا يجب أن يُدعى منقذ الإنسانية، ولو أن رجلا مثله تولى قيادة العالم الحديث، لنجح في حل مشكلاته بطريقة تجلب إلى العالم السلام والسعادة الذي هو في أشد الحاجة إليهما".
من خلال ما ذكرناه يتضح أن الحرب النفسية مهما كانت كثيفة ومركزة إلا أنها لا تؤثر في المؤمن الحقيقي،
لكن ما نلاحظه اليوم في المجتمعات الإسلامية وخاصة في المجتمع اليمني وفي خضم الحرب الدائرة فيه منذ سنوات نجد ان تأثير الحرب النفسية على المجتمع قد يكون أمضى من تأثير الحرب العسكرية، والسبب في ذلك واضح فضعف الإيمان والصلة بالله يؤدي إلى ضعف المعنويات وضعف المعنويات تؤدي إلى الضعف العام والخمول والخوف والقلق، كل تلك الأسباب تصنع مجتمعاً هشاً سرعان ما تتجاذبه الشائعات يمنة ويسرة!
هنا يتبادر إلى اذهاننا سؤال،
كيف يتحقق فينا الإيمان؟
سنتوقف هنا ونحاول الإجابة على هذا السؤال في المقالات القادمة ان شاء الله.
في أمان الله