تحدثنا في المقال السابق وهو الخامس في هذه السلسلة عن القيادة وتعتبر العامل الثاني الرافع لمعنويات الجيش والمجتمع،
بينّا أهميتها في رفع المعنويات، وذكرنا الصفات التي بالضرورة توفرها في القائد!
سنتحدث في هذا المقال إن شاء الله عن العامل الثالث والأخير الرافع للمعنويات،
3-النصر:
النصر من المواضيع التي يطرب الإنسان لسماعه وينتشي لذكره ويعلو صوته عند الحديث عنه ولا يقتصر النصر على الجوانب العسكرية فقط بل يشمل كل الميادين الحياتية،
فالنصر في ميدان الحرب، والنصر في ميدان العلم، والنصر في ميدان العمل، والنصر في ميدان التصنيع والابتكار وكل نصرٍ ولو كان صغيراً يؤدي إلى رفع المعنويات.
لكن النصر له سنن وله اشتراطات لا بد من الاخذ بها، أهمها التخطيط السليم والإعداد قدر المستطاع:
فالتخطيط يحتاج إلى العمل المستمر المضني ليصبح جاهزا وينتقل إلى مرحلة التنفيذ.
ولم يكتب النصر في أي ميدان لأحد دون التخطيط السليم والإعداد الكامل لكل متطلباته واشتراطاته.
النصر لا يتحقق مطلقا بالكلام الفارغ والادعاءات الكاذبة، بل تلحق الضرر البالغ بالمعنويات بعد انكشاف حقيقتها.
في القضايا العسكرية توجد قاعدة مهمة توجب إنذار الجيش والمجتمع بما يمكن أن يحدث في الحرب فعلا، حتى لا يؤخذ الجميع على حين غرة، فيؤدي ذلك إلى زعزعة الثقة والمعنويات.
إن النصر لا يتحقق الا بالعرق والدموع والدماء والبذل والتضحية والفداء.
أما الكلام والادعاءات الكاذبة فنتيجتها دائماً الهزيمة.
الأعمال وحدها هي التي ترفع المعنويات، أما الأقوال بدون أعمال فتدمر المعنويات وتسحقها،
ونحن في هذه الظروف التي تمر بها بلادنا نحتاج إلى كثير من العمل وقليل من الكلام.
وقد سأل أحدهم صديقه المفكر قائلا: لماذا سكتّ وقد ارتفعت الأصوات؟
فقال له: أخدم أمتي بصمتي، حين يضرها غيري بالكلام.
وما عسى أن تفيد الأقوال، خاصة إذا كذب الواقع الأفعال!
وصدق الشاعر:
السيف أصدق أنباء من الكتب
في حده الحد بين الجد واللعب
لماذا انتصر المسلمون الأوائل على قوى عالمية تفوقهم عدداً وعدة وقوة وتخطيط وتنظيم؟
السر في ذلك تمسكهم بعقيدتهم والعمل بتعاليم دينهم الذي يأمرهم باستنفاذ كل الجهد وبذل كل أسباب النصر المادية المتاحة قدر الاستطاعة قال تعالى: {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون (60) }
فأعدوا وحشدوا وغرسوا العقيدة السليمة في قلوب المقاتلين التي افضت إلى رفع معنوياتهم، ثم خططوا ونظموا فانتصروا
المعنويات أهم عامل من عوامل النصر على الإطلاق، وهي كذلك التي تصون العدة والعتاد وتجعل لها فاعليتها في يد الجيش.
ولا نصر بدون معنويات ولن تجد المعنويات طريقها للقلوب الا بعقيدة راسخة بناءة تصول في أيام السلم وتصمد في أيام الحرب، وتكافح عوامل الحرب النفسية التي يشنها العدو.
جيشنا الوطني لديه عقيدة قتالية مبنية على أساس متين ومعنويات أفراده عالية، يحتاج فقط إلى بعض التدريب المبنى على قواعد الحروب الحديثة وصقل القدرات وتأهيل القادة والتسليح النوعي قدر المستطاع، أؤكد لكم ان النتيجة ستكون مذهلة.
بهذا المقال نكون قد أنهينا سلسلة المقالات التي تحدثنا فيها عن أهمية المعنويات للجيوش والمجتمعات.
في أمان الله