ما ان تكتب منتقداً عن اعلان الإمارات عزمها التطبيع مع الكيان الصهيوني حتى يسارع البعض اما بجهل او بخبث الى القول: مالنا ولهم هم احرار اهتموا ببلادكم. وليست الإمارات اول دولة عربية تطبع مع ( إسرائيل ) فهناك مصر والاردن وهناك دول اخرى تتعامل من تحت الطاولة فلماذا تركزوا على الإمارات دون غيرها ؟ وللإجابة على هذا التساؤل نقول: انه وبعد ما يزيد عن اربعين عاما من اعلان مصر اقامة علاقات مع ( إسرائيل ) ما تزال إسرائيل عاجزة عن اختراق الشارع المصري والتطبيع معه. وما يزال الاعلام المصري الاهلي يهاجم إسرائيل وسياستها في المنطقة بل والرسمي كذلك في الكثير من الأحيان. الاعلام المصري انتج وما زال العديد من الأفلام والمسلسلات التي تظهر الإسرائيلي او اليهودي بمظهر الكذاب والمخادع الاستغلالي وتسلط الضوء على مدى رفض وكره الشارع المصري لإسرائيل وكل ما يمت اليها بصلة. والكثير منا قد شاهد العديد من المسلسلات والافلام ذات الصلة ومن اشهرها فيلم (السفارة في العمارة ). المخابرات المصرية كانت وما تزال في صراع مع ( الموساد الإسرائيلي ) وما بين فترة واخرى يتم الاعلان عن اكتشاف شبكة تجسس تعمل لصالح إسرائيل في مصر. الشعب المصري رافض للتطبيع مع اسرائيل منذ الاعلان عنها. فعندما عاد الرئيس الراحل انور السادات من زيارة القدس في نوفمبر 1977م خرجت امواج بشرية في المدن المصرية منددة بتلك الزيارة وكذلك في العديد من العواصم العربية، وقد دفع السادات بعد ذلك حياته ثمنا لتلك الزيارة واقامة علاقة مع ( إسرائيل ). لكن تعالوا معنا لنرى كيف سيكون الوضع مع الإمارات؟ سيفتح الموساد مكاتبه بصورة علنية في ابو ظبي ودبي، ستضع الإمارات كل امكانياتها تحت تصرف اسرائيل. لا حظوا معي الابتهاج والفرحة لدى الاعلام الإماراتي وفي مواقع التواصل هناك بالتطبيع مع إسرائيل وكأنهم على موعد مع عودة جزرهم المحتلة. البسوا حتى الأطفال فنايل مرسوم عليها العلم الإسرائيلي. مما جعل الدكتور عبد الخالق عبد الله مستشار محمد بن زايد يطلب في تغريدة له من الإماراتيين في مواقع التواصل ووسائل الاعلام المختلفة عدم اظهار الفرحة الزائدة بالتطبيع مع اسرائيل ودعاهم الى الثقل. طبعا الغالبية الساحقة من الشعب الإماراتي يرفضون خطوة التطبيع ولكنهم يُحكمون بالحديد والنار. فانت في الإمارات وليس في مصر فأي تغريدة من مواطن إماراتي او مواطنة ضد التطبيع سيقال في حق صاحبها خذوه فغلوه ثم ما انتم ادرى به افعلوه. قبل سنوات خرج المطرب الشعبي المصري الراحل شعبان عبد الرحيم بأغنية شعبية لاقت رواجا واسعا في الشارعين المصري والعربي، تقول هذه الاغنية البسيطة ( أنا بكره إسرائيل واحب عمروا موسى ) فهل يستطيع حسين الجسمي مثلا ان يغني ويقول: أنا بكره إسرائيل واحب محمد بن زايد؟ لا يستطيع ذلك وغير مسموح له. ممكن يسمحوا له يغني ( أنا بكره قطر واحب محمد بن زايد ) ممكن ذلك لكن يقول انه يكره إسرائيل لا !! عندما اعلنت مصر اقامة علاقة سلام مع إسرائيل كان الهدف من وجهة نظرها هو وقف الحروب التي انهكتها وكذلك استرجاع اراضيها المحتلة. لكن اي حروب خاضتها الإمارات مع اسرائيل حتى تكون هناك اتفاقية سلام معها ؟. هدف الإمارات الحقيقي من هذه العلاقة هو الاستقواء بإسرائيل ضد جيرانها في الخليج والجزيرة، ضد عمان وقطر والكويت وبالطبع ضد السعودية. اما إيران فلا فالجميع حبايب. عبثت الإمارات وعربدت باليمن وبالكثير من الدول العربية وزعزعت الأمن فيها وهي ما تزال ذراع غير رسمي لإسرائيل فكيف بعد ان تصبح بصورة رسمية؟ ستضغط بكل الطرق والاساليب على العديد من الدول العربية من اجل ان تطبع تلك الدول مع إسرائيل بصورة رسمية وكل هذا لم تفعله مصر. بإختصار شديد ستصبح إسرائيل عضوا في مجلس التعاون الخليجي دون ان يزداد العدد وكذلك في الجامعة العربية مع بقاء عدد الدول الاعضاء كما هو. فهل عرفتم الآن خطورة تطبيع الإمارات مع إسرائيل ؟؟