تتواصل في الرياض المشاورات التي يجريها رئيس الوزراء المكلف معين عبد الملك سعيد مع الأطراف السياسية ضمن معادلة الكفاءة مقابل الحصة الحزبية في الحكومة، أخذاً بعين الاعتبار أن هذه المشاورات تجري في بيئة تهيمن عليها الأوليات المطلقة للسعودية والإمارات.
وهذا المعطى قد يفيد في الوصول إلى الإجابة المفترضة على تساؤل بشأن ما إذا كان رئيس الوزراء هو من يدير ملف تشكيل الحكومة ضمن دائرة الحقائب العشرين التي تركت له وللأحزاب، بعد أن احتفظ الرئيس بالحقائب السيادية الأربع: الدفاع، الداخلية، الخارجية، والمالية.
بعد لقائه معظم الأطراف السياسية تقريباً التي سوف يكون لها ممثلين في الحكومة، بقيت مشاورات رئيس الوزراء بعيدة عن الجدل، ويعزى ذلك إلى أن الأطراف السياسية مطمئنة إلى أنها ليست مستبعدة، وفي الوقت نفسه تدرك أن الحكومة المقبلة لن تكون نهاية المطاف خصوصاً وأن ثمة من يتربص بهذه الأحزاب خصوصاً الكبيرة منها مثل التجمع اليمني للإصلاح الذي سيحرص على القبول بأية حقائب قد تسند له.
في حين أن المؤتمر الشعبي العام يواجه مأزقاً حقيقاً لجهة شرعية تمثيل أشلائه المتناثرة بين صنعاء، والمخا، وابوظبي والرياض والقاهرة، حيث بدأ الإعلام الإماراتي الحديث عن هذه الجزئية بشكل مباشر وهدفه ضمان أن يأتي تمثيل المؤتمر متسقاً مع المكون المتماهي مع أجندة أبوظبي.
الإعلام الإماراتي ذهب إلى حد افتراض أن الاخوان يدفعون بممثلين صوريين عن المؤتمر “لادعاء” تمثيله لكنهم في الحقيقة يستبطنون الانتماء للإخوان، وهذا الأمر ينطبق أيضاً على المكونات الجنوبية وفقاً للإعلام الإماراتي.
هذا النوع من الطرح يثير جدلاً لا ترغب الأطراف السياسية في إثارته خصوصاً أن حسم قضايا من هذا القبيل سيجري بالضرورة عبر الأطراف الثلاثة المؤثرة: الرياض وابوظبي والرئيس هادي، وسط توقعات بأن يخضع هذا الأخيرة لإملاءات الرياض.
وما من شك في أن مشاورات تشكيل الحكومة وهي تظهر رئيسها المكلف متفرداً في مهمة تشكيلها قد توفر غطاء لترتيبات تدفع باتجاه ضمان حكومة مقبلة أكثر قابلية للتعاطي مع الأوليات السعودية الإماراتية، وهذا قد لا يسمح بوصول وزراء الأجندة الوطنية من الموجودين حالياً في الحكومة وأولئك الذين يفترض أن تدفع بهم الأطراف السياسية والرئيس ليكونوا أعضاء في حكومة الكفاءات السياسية.
إن ما تحتاجه الشرعية في هذه المرحلة هو تحقيق أكبر قدر من الانسجام السياسي بين مكوناتها، وهو هدف يصعب تحقيقه اليوم وغداً، بعد أن جرى تجريد الشرعية من كل إمكانياتها السياسية والعسكرية ومن نفوذها الميداني.
والأسوأ من ذلك كله أن السعودية والإمارات تعمدا حقن هذه الشرعية بطرف سياسي مسلح بالكامل من هاتين الدولتين، ولا يقف على الأرضية الوطنية المشتركة مع بقية المكونات الأخرى في الشرعية، بقدر ما يتوسل هذه الحكومة مرحلياً لبلوغ هدفه النهائي المتمثل في فصل جنوب اليمن عن شماله بدعم معلن من الإمارات والسعودية رغم التوظيفات اللغوية لمفردات لا تزال تتحدث عن الوحدة وإنهاء الانقلاب.