يصاب الانسان أحيانا بالخوف والفزع جراء شعورة بالخطر او إصابته بمكروه ومن طبيعة الإنسان أنه يستطيع التحكم والسيطرة على خوفه وقلقه لكن أن يصبح القلق والخوف هو المسيطر على الإنسان هنا يكمن الخلل.
الخوف والفزع من طبيعة الانسان كائنا من كان صفة خلقت معه تختلف شدتها من شخص لآخر بحسب بعده وقربه من الله تعالى.
وقد بين الله تعالى ذلك في سورة المعارج بألفاظ أخرى قال تعالى ( إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (21)) اذا ما هو الهلع؟ وما هو الجزع؟
الهلع هو سرعة التَغَيُر والاضطراب اذا شعر الإنسان بالخطر فإذا أصيب الإنسان بمكروه تحول إلى جزع.!
والجزع هو الفزع وشدة الخوف والخور والاضطراب والتردد وامتلاء القلب بالرعب اذا استسلم الإنسان له وسكن في قلبه كانت عواقبه غير حميدة.
ولعلك تتسأل أخي القاريء!
مادام الهلع والجزع صفتين خلقتا مع الإنسان فكيف يستطيع الإنسان السيطرة عليهما؟
اجيبك!
نعم توجد وسائل وطرق لذلك سافصلها في هذا المقال.
أيها القارئ الكريم أولا يجب أن تعلم أن الله تعالى قد نهانا عن الهوان والحزن بأمر صريح واضح لا يحتمل التأويل قال تعالى (وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ)
وقد مدح الله تعالى المؤمنين الذي اشتد عليهم البلاء ولم يستلموا له قال تعالى (فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا)
كما أن الله تعالى قد كتب علينا أنواع من البلاء ستصيبنا في حياتنا الدنيا قال تعالى (وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ) (155)
وأكد ذلك في أية أخرى قال تعالى (لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا ۚ وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (186))..
أعلم اخي القارئ أن الحياة كر وفر وانتصار وانكسار وتقدم وتأخر وكلها سنن من سنن الله ملازمة لحياة الأفراد والجماعات والدول.
من أهم الأمور التي تخفف الهلع والجزع، أن تقف مع نفسك وقفة صدق وحرص ومكاشفة ثم تسألها!
هل أنت على الحق؟ من المؤكد أن نفسك لن تخدعك وستجيبك بشفافية ووضوح.
إذا أخبرتك أنك على الحق ستجد نفسك تسكن وتهداء وتشعر بالسعادة فاحمد الله على فضله.
وإن أجابتك بغير ذلك سينعكس عليك وستشعر به فراجع نفسك.
السائر في طريق الحق لابد أن يلاقي عقبات ومنغصات وتضحيات وصعوبات وتحديات قال تعالى (أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ).
اذا حققت الشرط وهو السير حيث يسير الحق والثبات عليه لا يهم بعد ذلك أن تنتصر أو تنكسر أو تتقدم أو تتأخر لأن النتائج بيد الله وحده يرتبها كيف يشأ وفق حكمته وعدله وعلمه فهو المطلع على الخفايا والعالم ما يصلح وما يفسد.
وانتبه أن تشتد عليك الأحزان والضغوط وتصاب بالوهن والعجز والتراجع والضعف فتنقلب على عقبيك لأن الضرر في حالتك هذه سيعود عليك وحدك قال تعالى ( فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ).
سيأتي الله بأخرين يعرفون قيمة الصبر وقيمة الثبات على الحق وقيمة التضحية ومن يتخلى يتخلى الله عنه.
الحق غالب وسينتصر بك أو بغيرك فلا تهن ولا تضعف ولا تفوتك الفرصة قال تعالى (وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146)
مثال واضح جلي للمدافعين عن الحق الذين لم يهنو ولم يضعفوا ولم يستكينوا لمجرد انه قتل نبيهم او قائدهم او أصيب أحد منهم أو خسروا معركة أو انسحبوا من مدينة.
اخي القارئ الكريم التاريخ مليء بالقصص والعبر لابد أن نقرأها ونتعلمها لتواسينا وتزيدنا ثباتاً وعزيمة.
فغزوة بدر أول معركة يخوضها المسلمين ضد الأعداء وقعت على مسافة 120 كيلو متر من المدينة المنورة.
وغزوة أحد المعركة الثانية وصل العدو إلى مسافة 6 كيلو متر من أسوار المدينة المنورة.
وغزوة الأحزاب المعركة الثالثة وصل الخطر فيها إلى أبواب المدينة أي على مسافة صفر، اشتد البلاء وضاقت الدنيا وحوصر المسلمون فيها حصاراً خانقاً وزلزلوا زلزالا شديدا. وقد وصف الله ذلك المشهد وصوره تصوير بديع في قولة تعالى﴿ إِذْ جَاءُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الاَْبْصَـرُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا (10) هُنَالِكَ ابْتُلِىَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالا شَدِيداً (11) وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا(12) وَإِذْ قَالَت طَّائِفَةٌ مِّنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِّنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِن يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا(13)
وحينما استفحل الخطر وعظم البلاء! تخلى المؤمنين عن حولهم وقوتهم وارتفعت أيديهم إلى السماء يدعون الله دعاء المظطر ويتضروعو لربهم بقلوب منكسرة خاضعة ذليلة، عندها تدخلت القوة الإلهية وحسمت المعركة بدون قتال حينها قال النبي صلى الله عليه وسلم اليوم نغزوهم ولا يغزونا.
في معركة حنين أُعجب المسلمون بكثرتهم فأدبهم الله فلم تنفعهم الكَثرة فهزموا في أول المعركة ولم يثبت غير النبي صلى الله عليه وسلم والعباس ثم عاد الى جوار النبي صلى الله عليه وسلم 100 من المقاتلين الخلص وتدخلت جنود السماء فحسمت المعركة وانتصر المسلمون (ثُمَّ أَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا)
انتصر المسلمون لأنهم على الحق ولأن هدفهم صلاح المجتمع ورفاهيته ولأنهم يسعون دائماً لؤد الفتنة ووقف سفك الدم وإزالة الخبث من المجتمع،
بالله عليكم هل جماعة الحوثي تنطبق عليها اي من تلك الصفات؟ من المؤكد أن الجميع سيجيب بالنفي.
ومن المؤكد أن الحوثي على باطل،
ولعل سائل يسأل إن كانو على الباطل فكيف ينتصرون أحياناً ؟
الجواب:
التقدم الذي يحققه الحوثي في بعض المواقع ما هو الا ابتلاء وتأديب لتقصير حدث ، لكنه في نفس الوقت تربية واختبار وتمايز يظهر المندسون والمنافقون وأصحاب المصالح والخونة وتتكشف الخلايا المنغمسة داخل مؤسسات الشرعية.
حينها لا يبقى في الصف الا المخلصين المستميتين في الدفاع عن دينهم ووطنهم وهويتهم.
(وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ)