أسوأ من ذلك:
لا يعلمون انهم طناجير؛ و فوق ذلك لا ينظرون أبعد من أنوفهم في مواجهة كل شيء في هذه الحياة التي تزداد تعقيداً كل يوم أكثر من أي وقت مضى، و يتعاملون مع المختلف معهم كعدو ينبغي إقصائه و إبادته.
هكذا هم منذ بدايات ١٩٦٧م.
حسناً.. لندخل الآن في صلب موضوع الطنجرة لهذا اليوم.
موضوع مقترحي، والذي يعود عمره الزمني إلى العام الفائت، و نشرته حينها عدد من وسائل الإعلام، يؤكد أن ما حل بعدن، يكشف بوضوح "عدم قدرة عدن على مواجهة مثل هذه الظروف الطبيعية الصعبة، لأسباب كثيرة ومختلفة عدد منها يعود إلى سنوات عديدة مضت يتعلق ببنيتها التحتية شبه المنهارة وغير المتجددة لعقود خلت، وتشير في معظمها إلى عدم وجود سياسة فاعلة و واضحة لدى الدولة لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث"، مثلما جاء في نص مبادرتي؛ و هذا يعني نقداً واضحاً، صريحاً، لا يحتمل اللبس، أو الطنجرة كما يفعل الطناجير، لكل الجهات المسؤولة في النظام السياسي الحالي، وما سبقه بالضرورة، وما قبلهما بالطبع، عن هذه الحالة الماثلة أمام الجميع.
وحدهم الطناجير المطنجرة لا تقرأ ذلك، و لا تريد أن تفهم ذلك، ولو كان عيدروس الزبيدي ما زال محافظاً لعدن، لكتبتُ نفس ما كتبته في مبادرتي بالنص، و قد عززتُ ما ذهبتُ إليه بصور عديدة عن الدمار الذي لحق بعدن بفعل الأمطار التي هطلت على المدينة، بداية التسعينات، و أكدت هذه الصور صحة و صوابية ما طرحته في مبادرتي في ما يتعلق بعدم قدرة عدن، على مواجهة تداعيات أمطار غزيرة بتلك الصور التي شهدها الجميع خلال العقود الفائتة.
ولذلك، تقدمتُ بمبادرتي، في سياق وطني بحت، باحثاً عن تحقيق ما يجعلنا جميعاً نواجه ما نواجهه بطريقة علمية، مهنية، احترافية، و التغلب عليه وبحلول مستدامة، كما تفعل، الدول المتقدمة.
وقد تعمدتُ أن أحاكي تجربة الإمارات العربية المتحدة بالذات، حتى لا يتحسس الطناجير المطنجرة، في حال أتيت بمثال سعودي أو قطري أو تركي، لعلها تفهم ان الموضوع أهم و أكبر من حشره في زاوية استعداء الأعمال الوطنية الكبيرة، لكن تأبى الطناجير المطنجرة ذلك، و تصر على الظهور كما هي، و يبدو انهم سيظلون كذلك دائماً.
وقد أثبتت أمطار اليوم التي شهدتها عدن، صحة ما تقدمتُ به العام الفائت، ومدى الحاجة الوطنية الملحة للتعامل مع الأحداث الكبيرة بأفكار توازي كُبر هذه الأحداث؛ وفي خضم ذلك يظهر الكبار كباراً، و يظل الصغار صغاراً، و تستمر الطناجير المطنجرة في ما هي فيه تُطنجر..!!