;
د.ياسين سعيد نعمان
د.ياسين سعيد نعمان

تمثيل المجتمع.. لا التمثيل به.. 1146

2020-02-23 07:33:22

ظلت البنى الاجتماعية والثقافية الموروثة بكل تشوهاتها، مصدراً للمشاكل والصراعات التي كان يتم إشعالها عبر حوامل سياسية هشة ومتداخلة مع هذه البنى، وظل خطابها امتداداً لتلك البنى المختصمة والمتصادمة.

shape3

لم يستطع هذا الخطاب السياسي أن يتحرر أو يستقل من تأثير هذه البنى بكل ما يكتنفها من انقسامات وتشوهات، ولذلك لا غرابة أن تتصدر المشهد دائماً عوامل الانقسام، وتتوارى إلى الظل القواسم المشتركة التي بإمكانها أن تؤسس كتلة وطنية عريضة، وخطاب سياسي جامع ومحفز على مغادرة مأزق تلك البنى وموروثها.

خطاب التنابذ، المتداول والمتبادل اليوم، هو امتداد طبيعي لهذا الموروث، وهو خطاب ظل يؤدي وظيفة واحدة، وهي تعويم جوهر الصراع الحقيقي في اليمن على مدى زمني طويل، وفي محطات مختلفة.. وهو نفس ما نشهده اليوم مع الانقلابين الذين تصدوا بقوة السلاح لمشروع بناء الدولة، وعطلوا حل المشكلات الوطنية بمعطيات التوافق السياسي التي خرج بها مؤتمر الحوار الوطني.

خطاب، كل ما يمكن أن يفضي إليه هو أن يحول الصراع ، إلى انقسام مجتمعي (عرقي، طائفي)، سمه ما شئت من تلك المسميات الهائمة في فلوات مقفرة من الحلم، والخيال، والتطلع، والعمل من أجل اليمن-الوطن.

ثنائيات ومفردات يغيب فيها "اليمن"، ولا يمكن أن تتجذر فيها أي هوية سياسية حاسمة في انحيازها للدولة الوطنية، ولا تعبر سوى عن تنطع عبثي يتجاوز خيارات الشعب في السلام والاستقرار والتقدم.

ترى، هل سينجح الإماميون الجدد في توظيف هذا الخطاب بتحويل صراعهم مع الدولة والمجتمع إلى هذه الساحة الملغمة والمجهزة بأدوات الإنقسام المجتمعي لتكريس دعاواهم بتمثيل قسم من هذا المجتمع، بينما هم في حقيقة الأمر يمثلون بالمجتمع بأكمله وبكافة نحله وأطيافه !!

يمكننا بسهولة تتبع هذه المسألة لنعرف كيف أنهم يمثلون بالمجتمع ليس إلا، فحتى ذلك القسم من المجتمع، الذي يحتمون به، ويجعلون منه غطاءً لنزوة متعالية على الوطن والمواطنة، يرفض كثيرون فيه مشروعهم، وقدموا التضحيات في مواجهته والتصدي له.. والحقيقة أن علاقتهم به لا تعني أكثر من محاولة لاستخدام منتسبيه كعناوين بمحتوى "عرقي"، يصرون على استدعائه من أضابر التاريخ، لصالح مشروع لا يرون فيه وطناً، وإنما سلسلة متواصلة من حروب لا تتوقف.

ولم يقتصر الأمر على التلويح بهذا التنسيب الذي يفتقر إلى التماسك الموضوعي، بعد أن أنخرط كثير من أعضائه بدوافع مصلحية تماماً، مثلما حدث مع غيرهم ممن انخرطوا في لعبة الانقلاب كأدوات لهذا المشروع.

بمراجعة للخطاب، بكل ما يمثله من غضب واستياء لسلوك الحوثيين وحواشيهم المنخرطة في مشروعهم الانقسامي، فإنه يعد دالة في الوضع العام للقوى المتصدية للمشروع الانقلابي.. هذا الوضع هو في حقيقة الأمر محصلة لتاريخ من صراعات النخب السياسية التي احتفظت بمتلازمات مرضية أفقدتها القدرة على إنضاج مواقف حاسمة لمغادرة تلك البنى الاجتماعية والثقافية الموروثة..

حماية المشروع الوطني تبدأ بتخليص خطابه من الانفعالات التي تهدر أهمية حضور الوطن في المكان والزمان اللازمين لحضوره. فكم هي المحطات التي تركت فيها مساحات غاب فيها الوطن وملئت بمشاريع أخرى. يتعين على القوى أن تتجاوز فخ توريطها في خطاب حماسي يؤلب على مشروعها كل نقائضه، وعلى رأس هذه النقائض تلك الارتدادات التي تستولد خطابا انفعاليا متعالياً لا يميزه شيء عن ذلك الآخر الذي يتسكع في خرائب هذا البلد المنكوب.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد