يلهب تواصل المظاهرات الشعبية في مدن لبنان وبلداته حماس الملايين من الشباب العرب في كل الأقطار، ويعيد الأمل إلى أولئك الذين حاول نظام القمع والاستبداد العربي أن يدفن أحلامهم بالحديد والنار.
تحية من القلب إلى شباب لبنان والثورة اللبنانية التي جاءت لتظهر الحق، وتكنس دعايات الثورة المضادة التي لم تر في الربيع العربي سوى ماء الولادة، وأنكرت الوليد ورفضت الاعتراف به، إن لم تقتله أو تسعى إلى خنقه في المهد. هكذا تستكمل الشعوب العربية مسيرتها في الهجوم على نظام الفساد والاستبداد والدمار، وتعري السابقين واللاحقين من سدنته وحماته، وتنتقم لثورات الربيع العربي المغدورة في سورية والبحرين واليمن وليبيا ومصر والعراق.
هذه بداية حقبة جديدة في تاريخ العرب الحديث، لن تكون فيها الشعوب العربية كما كانت قبلها، بعد أن حررتها الثورة والمعاناة من عبوديتها، كما تحرر النار المعدن من شوائبه، فبدت الطائفية على حقيقتها، أداة لتحييد الشعب وحرف بوصلته والتغطية على اختطاف النخب الفاسدة والمارقة للدولة وموارد البلاد. وهي لذلك بداية لولادة وطنية جامعة قائمة على التضامن والتكافل في ظل دستور العدالة والمساواة وحكم القانون.
وهي أيضا ولادة جديدة للعروبة التي تستعيد حيويتها ومعناها، ليس في العداء للخارج بما في ذلك الهيمنة الاستعمارية، وإنما، هذه المرة، في الاتحاد والتوحد حول شعارات الكرامة والحرية.
كطائر الفينيق، تخرج المجتمعات العربية من رماد المحارق التي نظمت لها، شعوبا جديدة، تطفح بالحيوية، والإرادة السياسية والتصميم على التغيير، مهما كان الثمن والالتحاق بركب المدنية الانسانية والحضارة العالمية.