يحفظ اليمنيون عنواناً بارزاً لوصف ما حدث في ثورة ٢٦ سبتمبر ١٩٦٢، باعتبارها ثورة ضد الفقر والجهل والمرض.. لم تكن تلك وصفة الإمامة الكهنوتية البائدة ونسختها (الحوثية) المتوحشة سوى رأس جبل جليد يطفو على سطح الماء، إذ أن الفقر والجهل والمرض أعراض للنفسية المريضة الاستعلائية بنكهة شيطانية (أنا خير منه)، ترى اليمني أقل شأناً وأدنى مرتبة ولا يستحق سوى حياة (العبيد) في خدمة (السيد). العنصرية المتأصلة برداء ديني زائف تدعي نسبتها لنبي البشرية (ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين)، وأنهم أبناؤه من جهة ابنته فاطمة، ولا ينسب الناس في الإسلام لأمهاتهم ولم يعش للنبي ولد ليقطع دابر التقولات العنصرية التي تدعي قداسة كاذبة تستعبد كرامة اليمني وتصادر حقوقه. هؤلاء أدعياء استحقاق (أحقية الحكم والعلم) استناداً للنسب أصله يعود لأبو البشرية آدم المخلوق من تراب كأساس للمساواة والتكريم الإلهي بنفحة من روح الله كرّم بها بني البشر جميعا، (ولقد كرمنا بني آدم). إن ثورة سبتمبر لم تكن ثورة ضد الفقر والجهل والمرض فحسب، تلك كانت أعراض للمرض الخبيث (داء الاستعلاء العنصري وادعاء التفوق والتميز العرقي)، ثورة سبتمبر ثورة كرامة ومساواة إنسانية أسقطت مشروع استعباد اليمنيين واعتبارهم رعايا في ملكية مملكة الشيطان بادعاء وهم السيادة.. واليوم يقاتل اليمنيون الحوثي لأنه انقلب على الدولة اليمنية ومخرجات الحوار الوطني، وهذا هو المحور العسكري في الانقلاب الحوثي، أما ماهية الانقلاب وحيثياته فهو صراع بين مشروع الحرية والمساواة ومشروع الاستعباد والاستعلاء العنصري. مقاومة اليمني ضد فكر الكهنوت الإمامي ونسختها الإيرانية الجديدة (الحوثي).. هو مشروع حياة يستند للكرامة والحرية والمساواة وذلك أبعد من مشروع الانقلاب والمصالحة السياسية مع جماعة تؤمن (عقائديا) بأن ما سوى عرقها من اليمنيين أدنى إنسانية وأقل كرامة.. ثورة سبتمبر.. ثورة كرامة وإخاء ومساواة.. ثورة ضد العنصرية والاستعباد السلالي.. ثورة سبتمبر ومقاومة انقلاب الحوثي اليوم.. هي ثورة كفاح مسلح عنوانها الانسانية والمساوة ضد العنصرية التي تخلصت منها البشرية ودفعت ثمن كبير لنيل حريتها وكرامتها.. باختصار معركة اليمني اليوم مع الكهنوت ليست نزهة ولا ترفاً بل هي حرب فرضها الحوثي ويرفض التخلي عن وهم استعباد الناس بالقوة العسكرية لأنه يتخيل أنها فرصته الأخيرة في استعادة أوهام (المسيدة)، ولذا ليس أمامنا سوى النصر أو النصر.
علي الجرادي
سبتمبر.. كرامتنا الانسانية 1215