جمعني أمس لقاء باثنين من الأصدقاء أديب ومثقف وهم كذلك من قادة الرأي وصلوا حديثاً من صنعاء. نقاش طويل دار بيننا وشرح مفصل للحال الذي وصل إليه الناس في المناطق التي تحت سيطرة الحوثي، انتابني بعدها ألم يعصر قلبي ودق ناقوس الخطر في جميع حواسي! خمس سنوات مضت أحكمت فيها مليشيات الحوثي سيطرتها على معظم المحافظات الشمالية وحكمت الناس هناك بالحديد والنار. ومن جهة أخرى سخّرت كل إمكانات الدولة التي سيطرت عليها لصالحها واستغلت جميع وسائل الإعلام التي سيطرت عليها لشحن المجتمع بالطائفية والعنصرية والطبقية وتجريف الثقافة والمفاهيم السليمة التي تربى عليها المجتمع واستبدالها بمفاهيم دخيلة. مارست بث ثقافة الكراهية والتخوين لكل من يواجه المشروع الحوثي أو يعترض عليه. خلال الخمس السنوات الماضية أخرج الحوثي جيلاً جديداً يسوده الجهل واستطاع شحنه بأفكار متطرفة (الحرب والقتل ولون الدم) لا يعرف غيرها! خمس سنوات من السيطرة التامة والدعم الدولي اللامحدود لمليشيات الحوثي وفي المقابل الأداء الباهت للشرعية وضبابية موقف دول التحالف وخذلان الجيش الوطني المتعمد وزاد الطين بلة الانقلاب العسكري الذي حدث في عدن الأيام الماضية بدعم واضح من دولة الإمارات العربية المتحدة الدولة العضو في تحالف دعم الشرعية. كل ذلك أدى إلى إحداث شرخ عميق في النسيج الاجتماعي اليمني بالإضافة إلى إحباط ويأس لدى شريحة كبيرة من المجتمع في مناطق سيطرة الحوثي التي كان تنتظر الحسم وعودة الشرعية إلى صنعاء.! معالجة الشرخ الذي أحدثه الحوثي في النسيج الاجتماعي ليس بالأمر الهين ولا تجدي معه أنصاف الحلول وكلفته في المستقبل باهظة، المسؤولية على الشرعية أصبحت أكبر وأصعب مما مضى.. الشرعية ليست ضعيفة.. لديها جيش وطني يحوي خيرة رجال اليمن مدربين وجاهزيتهم عالية ولديها إمكانات متنوعة تجعل من السهل بلوغ الهدف. ولذلك يجب على الشرعية إحداث فارق سريع في الأداء وتغيير جوهري في أسلوب إدارة الدولة: ولكي تقلب الطاولة على كل الخصوم والمتربصين باليمن عليها مهام عاجلة تتمثل في النقاط التالية. • عودة الرئاسة والحكومة وأعضاء مجلس النواب بكامل طواقمهم الإدارية ومزاولة أعمالهم من الداخل اليمني. • إعادة النظر في طريقة عملها واعتماد الأساليب والطرق الناجحة لإدارة الدولة. • وضوح الرؤية في طبيعة العلاقة بين الشرعية ودول التحالف وعلى رأسها المملكة العربية السعودية. • استبعاد دولة الإمارات العربية المتحدة من تحالف دعم الشرعية وإرغامها على الانسحاب الكامل من الأراضي اليمنية. • التفكير الجاد في بناء تحالفات جديدة إذا اقتضى الأمر. • تشكيل حكومة حرب وتوجيه كل طاقاتها إمكاناتها وقدراتها نحو الحسم العسكري فهو العلاج الفعال لما أحدثه الحوثي من خراب داخل النسيج اليمني الواحد.