لا يهمنا أن يسحب التحالف قواته من أراضينا، المهم هو أن تعاد تلك الأراضي لوضعها الطبيعي، تستعيد سيادتها وإرادة الناس فيها، هو أن ينزع بذوره المسمومة التي لازالت تفرز سموماً قاتلة، وتسمم المجتمع بالمزيد من الطفيليات ليبقى مريضاً منهكاً، معيقاً من تعافي وطن. هو أن يخلص البلد والمجتمع من مكوناته الطارئة عسكرية وأمنية، التي تعكر السلم الاجتماعي وتؤجج النعرات والصراعات. الأجهزة الأمنية في كل بلدان العالم هي يد الدولة الطولى المنفذة للنظم والقوانين والدساتير، هي ضمان قوة القانون كضابط لإيقاع الحياة وتنفيذ العدل والإنصاف، تطارد وتقبض على كل الخارجين عن العقد الاجتماعي وهو الدستور والقوانين النافذة. في بلدي ومدينتي عدن، لا نعرف اليوم ما هو الدستور والقوانين التي تستند لها بعض أجهزة الأمن، وهي تقوم بخرق الدستور والقوانين النافذة وتنتهك حق الناس المصانة دستوراً وقانوناً. تحرق الصحف، وتطارد السياسيين والمعارضين لأسيادها، وتلقي القبض على كل من يقول كلمة حق في وجه سلطان جائر وجاهل، في وجه العنف والإرهاب الفكري والسياسي والديني. أجهزة أمنية وعسكرية إذا كانت تتبع الدولة فهي ملزمة بدستور وقوانين هذه الدولة، وإذا كانت لا تتبع الدولة فهي خارجه عن نظم وقوانين ودستور هذه الدولة وهي مليشيا في حكم المرفوضة شرعا. اليوم يكثر الهرج والمرج حول قضايا الإرهاب التي صارت العصا التي تلوح بها تلك الأجهزة في تهديد وانتهاك حقوق الناس، ومبررات السجون السرية والتعذيب وغيرها من ممارسات النظم الديكتاتورية المستبدة التي جعلت من الأجهزة الأمنية يدها الطولى في اختضاع الناس والشعوب كما لو كانت قطعانا من الدواب. كثير هي الجرائم المرتكبة والانتهاكات، وكثير هم المجرمون الذي أفلتوا من عدالة القانون، ولن يفلتوا من عدالة السماء.. اليوم العدل غائب والإنصاف معدوم، والانتهاكات تتضاعف، وتنهك حرمة المساكن، وعاد زوار الفجر، وتجرنا لمزيد من التراكمات والأحقاد والانتقام، دماء الناس تسفك في الشوارع في مطاردة أمنية، أو اشتباك امني، والأسباب في طي الكتمان، لو تكشفت ستعرف حجم الكارثة التي نحن فيها، ومن يمنع رفع الغطاء عن تلك الحقائق لتعرف الناس ما يدور؟ إنها ذات الأجهزة التي أنشأت ومونت ودربت لذات الغرض، هي الفوضى التي لا فيها قانون وأن لا نظام ولا عدال ولا إنصاف، فوضى تنهك الجميع ليستسلموا لواقعهم ويسلموا الراية. دماء الراوي ورفاقه من الشهداء الطاهرة في ذمة هذه الفوضى وصانعها، دماء الشهيد جعفر والإدريسي وغيرهم من المقاتلين الأشداء في الجبهات في ذمة هذه الفوضى وصانعها، دماء باطويل وامجد ودنبع وكثير من الشباب الواعد والمتفتح الرافض للهيمنة والتسلط الديني والسياسي، في ذمة هذه الفوضى وصانعها، واليوم تتربص هذه الفوضى لكل صوت حر يرفضها، وكل من يفكر يفتح ملفاتها، ويتحدث عن انتهاكاتها، ويطالب باقتلاعها. فوضى ستنقشع وستظهر الحقائق طال الزمن أو قصر لابد من العدل والإنصاف، وحينها سيضحي الممول بأدواته، ويترك يوجهون مصيرهم المحتوم بالقصاص"لكم في القصَاص حَياةٌ يا أولي الألباب" صدق الله العظيم.
أحمد ناصر حميدان
للجحيم.. لنستعيد حياتنا 1189