نتعرض- كمجتمع عربي- لأكبر عملية غش في التاريخ، أدواتها مزيج من التعصب والتخلف، تروج أن أساس كوارث الأمة هي مشروعها القومي ووحدتها، فيتم- دون هوادة- ضرب أي نواة للوحدة العربية من الوحدة المصرية السورية إلى الوحدة اليمنية، والدعوة للانفصال، باعتباره الحل الجوهري لكل كوارثنا ومصائبنا، لم تعد قضيتنا عادلة، لم نعد نهتم للكرامة والمواطنة والحرية والعدالة، بقدر اهتمامنا بالانفصال، وعندما يسيطر على الأمة الانفصال كقضية رئيسية للحل، لن يتوقف عند حدود جغرافيا معينة، تاريخنا مثخن بالهيمنة والسيطرة الفئوية على الأمة، فكل فئة وجماعة وطائفة ومنطقة لها مبرراتها بالانفصال، مبررات تمزق أواصر الأمة ووحدتها وبالتالي إضعافها، لتكون سهلة للأطماع والابتلاع، وتجعل العرب في ويل من شر يقترب.. القضايا الوطنية والقومية الكبيرة تحتاج لنضال بحجمها، وثقل المهمة يثقل مسيرتها، في مواجهة الظروف والتحديات، مسيرة الوحدة ليست مفروشه بالورود، بل مسيرة صعبة تحتاج لشموخ وعزة وقوة في التحدي لمواجهة كل ما يعترض طريقها، ولازال الشرفاء والمناضلون بوعي متمسكون بالهدف، يواجهون كل ما يعترضهم من تحدي القوى التقليدية المتخلفة، بهيمنتها ونفوذها وأطماعها واستبدادها وتراكماتها، والحملة الإعلامية التي تشوّه الوحدة كقيمة إنسانية ووطنية، السخفاء والهابطون اليوم يتطاولون على وحدة الأمة بتسميتها (وحلة).. لن يتحقق الهدف دون نظام سياسي عادل يحقق المواطنة والحرية التي يتطلع لها الناس في وحدة وطنية وقومية وإسلامية، يكون فيها الشعب هو مصدر السلطات ومقرر حق تقرير المصير، والكل يعرف أدوات صوت الشعب هي الانتخابات والاستفتاء النزيه المعبر بصدق عن إرادة هذا الشعب دون تدخل وتوجيه، المشكلة في المستسلمين للمؤامرة، المخدوعين بالحلول السحرية التي جعلتهم أدوات تدمير للأمة، منهم المتحمسون دون وعي، والقابلون للشحن والتحريض، والمتقبلون للوصفات الجاهزة، والمناطقيون والطائفيون، جميعهم يحلمون بالانفصال الذي سيحقق لهم تطلعاتهم الخاصة، غير آبهين بمستقبل أمة وتطلعاتها ومصيرها، أمة محترمة بين الأمم، ولا حرية ولا استقلال لأمة لا تحترم هويتها ولا تاريخها ولا حضارتها ولا إرثها الثقافي والفكري الإيجابي ولا تنوعها المثري للحياة الاجتماعية والسياسية، ولا روابطها التاريخية والدينية. ما يحدث اليوم هو تدمير واضح للامة، هو مخطط لشر قادم يلوح في الأفق، بشائره توحي بتمزيق الأمة العربية في سوريا والعراق وليبيا واليمن، وستمتد يد الغدر إلى كل جسد يمثل العروبة والاسلام، بمخطط واضح وجلي في الترويج لمشاريع كنا نعتبرها مخطط صهيوني ماسوني، اليوم يوجد بيننا من يجد المبررات الكافية لتبنيها كمشاريع حل وطنية، في تجريف وكنس متعمد للتاريخ والحضارة، وهدم أحلام الامة في وحدة عربية وإسلامية تحقق غايات الكرامة من مواطنة وحرية وعدالة، لنكون أمة محترمة قوية مستقلة بين أمم المعمورة تنافس بكل جدارة واحترام..
أحمد ناصر حميدان
ويل للعرب من شرٍ يقترب 1196