من طبائع الأمم تحب المشاريع الكبيرة التي توحدها، وتزيدها قوة وصلابة في مواجهة المؤامرات، وإن كان يبدو للبعض عجزهم في اعتناق هذه المشاريع، لأن الظروف تحكم ومشاريع صغيرة تتطفل حياتنا لتفرض نفسها في تقسيم وطن وتفتيت أمة، فينجر البعض تحت أوهام وشعارات رنانة لأحلامه الخاصة، والزمن كفيل ليفضح تلك المشاريع وأصحابها، عندما تتطفل مشروع الأمة في البحث عن من يمونها ويدعمها، فإذا بها في صف العدو، وأداة من أدوات الطامعين بوطن، من أصحاب المصالح الصغيرة والكبيرة قوى داخلية وخارجية، فلا غرابة من تحالفات بقايا النظام البائد مع أصحاب تلك المشاريع، ولا غرابة- أيضاً- من تنازل تلك الجماعات عن السيادة والإرادة للقبول بوطن مرهون ومستباح وضعيف ومستسلم. اليوم تؤكد لكم سقطرى كما أكدت لكم المهرة وشبوة، وحضرموت، وغدا ستنتفض عدن وتتحرر من مليشيا المشاريع الصغيرة، عدن تقاوم بقوة، كلما تقاوم لحج وأبين والضالع، ومؤشرات انتصار مشروع الأمة في الصوت الذي يرتفع بالتدريج ليصرخ رافضاً تلك المشاريع، في مرحلة مخاض تتكشف فيها حقيقة أصحاب تلك المشاريع ونواياهم ومخططاتهم، وما يرفعونه من شعارات، تخالف خطابهم وممارساتهم على الواقع. للبحر مد وجزر، حركة طبيعية تنظف البحر من كل الشوائب التي تطفو على السطح ثم يلفظها للشاطئ الذي ينظفه الإنسان وترمى في المزابل، هذه الحركة الطبيعية تحدث في حياة الأمم، عندما تطفو للسطح مشاريع صغيرة، تفرز كراهية وأحقاد وضغائن وعنصرية وسموم اجتماعية ترفض التعايش، ترفض التنوع، لا تقبل المختلف، تجرمه وتكفره، ثم تعلن للملأ اجتثاثه، كل ذلك ينشر رداءة، وتفوح روائح كريهة في مجتمع لا يتقبلها، فيبدأ يرفضها، وهذا الرفض يشكل حالة من التطهير للمجتمع والوطن، مرحلة نحن فيها اليوم، الناس ترفض هذه المشاريع، وترميها في مزابل التاريخ، لتشمخ وترتفع مشاريع الأمة الكبيرة. لا خوف على وطن فيه مجتمع حي يتفاعل، مجتمع صمته ليدرس الواقع بعقلانية، مجتمع لا يمكن الضحك عليه من قبل ثلة باغية وطاغية، ترفع البندقية لتهدد الآخرين وتكيل التهم جزافاً، تقتل وتستبيح وتفتح السجون وتمارس الانتهاكات، ماذا تتوقع من نهاية لها غير الرفض الذي يتوسع اليوم في المجتمع، ونشاهده على الواقع في حشود جماهيرية تنتصر للأرض والإنسان. الذين لم يستوعبوا دروس الماضي هل بمقدورهم استيعاب دروس الحاضر ليكونوا جزءا منه للولوج لمستقبل أفضل لهم ولغيرهم، مستقبل آمن لوطن قوي ومتماسك، وأرض حرة ومستقلة لا تقبل الوصايا والتبعية، وترفض المشاريع الصغيرة التي تمزق النسيج وتفتت الوطن لكنتونات متناحرة، خيراً لهم أن يكونوا مع الإجماع في وطن يستوعب الجميع وضامن للمواطنة والحرية والعدالة والنظام والقانون هو الحكم.
أحمد ناصر حميدان
أرض اليمن عصية بأحرارها 1106