شهدت المنطقة واليمن موجة من الطقس السيئ , وكنا في مدينة عدن التي اجتاحتها اعصار ورياح وامطار غزيرة , كشفت عن حجم الاهمال والتخريب المتعمد الذي تعرضت له هذه المدينة في بنيتها التحتية وخدماتها الاساسية , خلال فترة عبث وفوضى وغياب الدولة بشخصيتها الاعتبارية , وغياب الدولة معناه غياب الضبط والربط للحياة , تعطيل النظام والقوانين , استغلال ذوي النفوس الهابطة والانانية الفرصة لتمارس البسط والسطو والبناء العشوائي , وكم هي حجم العشوائيات التي تم انشائها في مجاري السيول , وهل تعرف اخي ان تلك المجاري تاريخيه عريقة , انشائها اسلافنا منذ قرون , بهندسة ادهشت خبراء اجانب روس وصينيين , ظلت تعمل وتودي دورها حتى النكسة التي نحن فيها اليوم . النكسة الاخلاقية والوطنية , التي غلبت فينا الطمع والانانية في البناء العشوائي على تلك المنافذ والمجاري , مما سبب كارثة تعطيل مهام تلك المنافذ , وغرقت عدن , وتحولت مناطق فيها لبرك من الماء الراكد , غدا سيكون اسي ومرتع للحشرات والبعوض والفيروسات والامراض . المصيبة عدن المدينة العريقة تعجز خدماتها في الصمود لساعات , ليكشف حجم العبث واللامبالاة والفساد الذي نخر تلك المؤسسات الخدمية , الطرقات تغلق والكهرباء تتعطل , والمساكن تنهار , والسيول تجرف كل شيء في طريقها السيارات والمساكن واثاث المواطنين , المجاري طفحت والقمامة تعفنت مع المياه , والسيول التي لم تجد منفذ لمجاريها المغلقة بفعل العشوائيات. وصارت المدينة في وضع سيئ , تصرخ ولا مجيب لصراخها , ومن سيجيب شرعية مهاجرة , ومعارضه لا يعنيها تبحث عن سلطة لتحكم حتى اطلال وبقايا مدينة . اين الانقاذ والطوارئ , اين الدفاع المدني , والثكنات العسكرية التي تعكر عدن وفي هكذا ضرف لم تكن عند المسئولية لتساهم في الانقاذ ,اين الاستعداد لمثل هكذا كوارث وظواهر طبيعية , يوجهها العالم ويستعد لها في اقل الدول امكانيات وتطور , ونحن نيام لا نبالي , ولا يعنينا , نقدم الخطابات والوعود والاوهام , ولا نستطيع ان نرسم خطط واستراتيجيات في مواجهة الكوارث الطبيعية , والسبب معروف أننا نولي علينا اسوء ما فينا , نشكو من المنظومة السياسية , وعند الاختيار نلجئ لنصطف مع ذات المنظومة ونختار ذات العقلية مهما اختلف الافراد شكلا , توافق عقلا وسلوك وثقافة ,اختيارات بنوازع مناطقية قذرة او ايدلوجية اقذر , لا نهتم بالتكنقراط , ولا بالعقل والمؤهل والمهنية , لازلنا مجتمع جريح , غير قادر على تجاوز جراحه لينهض , واختيارات الجريح مشوهة يصنع له اصنام وطغاة بمواصفات الغضنفر وعنتر بن شداد , اذا تمكن تحول لمعضلة تحتاج لتكلفة كبيرة في تغيره بعد ان يكون قد شفط واسرته وقريته ومنطقته نصف البلد والثروة , فتعيد انتاج ماسينا بأيدينا وثقافتنا .
أحمد ناصر حميدان
مأساة عدن وكارثة الامطار 1149