قد لا نختلف أن جبهة الشرعية تعاني الكثير من الخلل، والتمزق والشتات، ويردد كثيراً أن الحوثي لم يعد يستمد قوته غير من ضعف الشرعية وشتاتها. هذا الضعف له أسبابه، وأهمها الداعم الرئيسي للشرعية (التحالف) يريد شرعية بهذا المستوى، ليتمكن من أحكام قبضته على البلد. جعل من هذه الشرعية، كتلة من المنتفعين والمتزلفين ونفوذ النظام السابق، وعدد من المشاريع الصغيرة المدعومة لتنخر جسد الشرعية وتعيق المشروع الوطني الدولة الاتحادية. عندما تجد أن الشرعية في المناطق المحررة تواجه مشاريع صغيرة، وانقلابات تعيق معركتها المصيرية مع الانقلاب الحوثي، وتجد وضعها لا يسر في هذه المناطق، والذي انعكس على واقع هذه المناطق، وحياة الناس فيها المعيشية والأمنية والاجتماعية والخدمية، تعرف أن الشرعية بحاجة لموقف نقدي يصحح مسارها، يقوي من كيانها في هذه المناطق. لا يوجد أمامنا غير النقد، والنقد البناء لتستعيد الشرعية روح المبادرة في إصلاح كيانها، وتصحيح اعوجاجها، لتتمكن من ترسيخ كيان الدولة في المناطق المحررة، دولة المواطنة والحرية والمساواة، والديمقراطية كخيار يعبّر- من خلالها- الشعب عن حقه بنظام وقانون يكفل هذا الحق، دون العنف والمليشيات التي تعيق استعادة الدولة وتضعف من كيان الشرعية ومشروعية التحول والتغيير، ومعركتنا مع الانقلاب. أنباء وأتمنى أن تكون غير صحيحة، عن محاصرة مليشيات لقوات الحرس الرئاسي في جبهة الضالع، مليشيات لا تخضع لسلطة الشرعية، بل تخونها وتحرّض ضدها، في الصفوف الأمامية للمعركة مع الانقلابيين. النقد في واقع كهذا مطلوب، وكلما شعرنا بالخطر يداهم مشروع الدولة، يشتد غضب الغيورين والشرفاء، ويشتد حدة نقدهم، لا مجال أمامهم غير رمي أحجار تحرك المياه الآسية، حركة ترعب الطفيليات والجراثيم الجاثم على جسد الشرعية. عندما نتمعن بمن اشتط غضباً من نقد محمد الربع للرئيس والشرعية، تجدهم المنتفعين من هذا الواضع الهش وهم إما فاسدون برواتب عالية وهم في الغربى، لا هم لهم بما يحدث في الداخل من معاناة ووجع وجوع ومرض و وباء، وانفلات أمني واغتيالات وتردي للخدمات، أو أصحاب مشاريع صغيرة وأنانية، يريحهم حال الشرعية المتهالك، مساهمون في تآكل الشرعية، آملون تربع السلطة على جثمان الشرعية. كل هؤلاء يعلنون أنهم تحت سلطة فخامة الرئيس، وأعمالهم تعمل على تآكل سلطته، ويقتاتون على هذه السلطة حتى يتمكنوا، وأي فرصة سانحه يطعنون الشرعية بخنجرهم المسموم، وجبهة الضالع وتعز، خير مثال، حيث يعتبرون مؤسسات الدولة والجيش الوطني مجرد جماعات إرهابية تتبع حزب الإصلاح. لن نبني وطناً ما لم يكن النقد هي وسيلتنا في وجه سلطان جائر، في وجه الضعف والخذلان، في وجه كل المشاريع الصغيرة والأنانية ونفوذ المصالح والفساد، كفى تطبيلاً ورقصاً على جروح وأوجاع الناس، ومزايدات سياسية ومناكفات وتدليساً وكذباً، والحقيقة ضائعة، والوطن ينهار ويتهالك لصالح مصالح ضيقة ومشاريع صغيرة ونفوذ عفن.
أحمد ناصر حميدان
النقد البناء ولعنة التزلف 1182