بصيص في آخر السرداب العربي! نكبات.. ثورات تحرر من قوى الاستعمار الغربي في منتصف وأواخر القرن العشرين. ثم نكسات عربية عربية.. عربية فارسية.. عربية غربية، حتى هبت ثورات الربيع العربي الأولى في أوائل القرن الحادي والعشرين. تلتها نكبات جديدة بقيادة إيران الصفوية الشيعية الفارسية، وبمساندة من محور الشر العربي: السعودية - الإمارات - البحرين - مصر. اسودت سماء منطقتنا العربية جميعها طوال القرن الماضي وبدايات هذا القرن، ووهنت قواها وخارت نفسيتها ومعنوياتها حتى وصلت إلى الحضيض الذي لا زلنا مكبلين بأوحاله الطينية المتحركة حتى كدنا أن نغرق ونحن ننظر لبعضنا، ونشاهد بأم أعيننا الضحايا تبتلع الواحد تلو الآخر، ولكن لا نستطيع حراكا أو فكاكا لأن اليأس والخوف قد سيطرا علينا بالكلية فاستسلمنا لقدرنا "المحتوم" راضين مسلمين بقضاء الله وقدره. لكن السؤال المهم هو: من كان يصدق أن الشعوب العربية الميتة ستنتفض فجأة كبراكين ثائرة في وجه الطغاة الجاثمين على صدورها؟ هل تخيل أحدنا أن يعيش ويشاهد ويشارك في هذه اللحظات والساعات والأيام الثورية المشرقة في فناء العروبة المظلم؟ من كان يظن أن شرايين شعوبنا ماانفكت تنبض وإن كانت هذه النبضات ضعيفة، لكنها كافية لبعث الحياة من جديد؟ هل دار في خلد هؤلاء الطغاة العملاء المعتوهين أن تقوم قيامتهم على أيدي ملائكة شعوبهم المقهورة؟ الطغاة لا يتعلمون الدروس، ولا يستوعبون الأحداث، ولا يفهمون المعادلة.. ربما لأنهم أوغاد وربما لأنهم شياطين.. لكن العلة الحقيقية هي لأنهم ليسوا سوى بقايا من يهود العرب أذناب المستعمر الغربي. قطعت شعوبنا أذنابا مهترئة فنبتت من أجسادها العفنة أذناب جديدة، ولكن ريحتها العفنة ولله الحمد بادية ظاهرة تزكم الأنوف، لذلك عرفتهم الشعوب ولفظتهم، ولن تطول مدة إقامتهم في فنادق السلطة والرئاسة. إعتقدت محاور الشر العربية والفارسية أنها قد أصابت الشعوب في مقتل بإجهاضها لثورات الربيع العربي الأولى، وتنفست الصعداء لأنها نجحت في وأد صحوتها.. فهيهات هيهات.. فلعبة الشعوب لم تبدأ بعد يا قادة الثورات المضادة، وما ترونه اليوم ليس إلا تسخينا وتحمية للمباراة القادمة الفاصلة. ستنفقون أموالكم في الباطل، وستجعلها الشعوب عليكم حسرة بإذن الله، ثم تغلبون.. وتداسون.. وإلى مزبلة التأريخ ستقذفون. هل ظننتم انتفاضة الشعوب وثوراتها إنتفاخة بالونات تفرقعونها بوخز دبابيسكم الصدئة؟؟؟!!! أنتم لم تروا بعد من الجمل إلا أذنيه، والدليل على ذلك الثورات الشعبية المفاجئة في السودان والجزائر الشقيقين! ولا تزال البراكين تلتهب تحت الأرض العربية، وستنفجر لا محالة في وجوهكم يا أوجه البوم الناعقة. سطر إخوتنا في السودان والجزائر أروع الملاحم الثورية السلمية المزلزلة للعروش والباقرة للكروش التي انتفخت من السحت والحرام، ولا يزال مسارهما الثوري يلقم الطغاة النار، ويعطي الدروس للأجيال في الصمود والإستبسال لتحقيق مطالب الثورة والثوار. بثورتيهما سطع بصيص من آخر السرداب العربي المظلم، فالتقطته عيون الشعوب في كل بلادنا الموبؤة بنتنكم أيها الأنذال والعملاء، فانتظروا الإنفجار الكبير المدوي.. وعلى الباغي تدور الدوائر، وإن غدا لناظره قريب!