في العالم الروائي فحسب يمكنك معاقبة العالم... ها أنا أقوم بالأمر وفقا لعدالتي الشخصية للغاية، عدالة عاطفية محضة وشكل من السيطرة على الكلمات حد السيطرة على المصائر . تتطلب الكتابة في السياسة عقلك وضميرك في حالة من اليقظة الكلية بينما تتطلب الرواية جنونك الميتافيزيقي وانطوائك على التهكم وفقدان الضمير الوجودي لتتمكن من تشييد عالم بديل يكون فيه أبناء انفعالاتك هم الأسياد . شخصيا : لست الذي يمكنه أثناء كتابة مقالة أن تملق سياسي ما أو يتجنب نقمته ، لكنني في السرد متمتعا بكامل حقوقي في أن أضعف متملقا ضعفي وممتلكا حق تملق الكائنات أو تحطيمها بدافع النشوة . في الرواية فحسب يمكنك إظهار تقديرك للشيطان وانبهارك بمزاجه وخلق المزيد من بشر جاهزين للغواية . تحكي الرواية الواقعية ما حدث بينما تجنح السرديات الحديثة لتمجيد ما كان ينبغي أن يحدث ، عالم بديل يكون الحدث فيه خيالاتنا وانفعالاتنا الوجلة قبل امتلاكها فن السرد وإحلال أخلاق بديلة ومصائر . يقال أنه "ليس مهما كيف تمضي حياتك ولكن المهم كيف ترويها لنفسك وللآخرين"، في الرواية فقط يمكنني وصنعاء اقتطاع السنوات الأخيرة من المخطوطة عاطفيا - رغم توثيق الأحداث - ابقائها مجرد أشياء واقعية حدثت أثناء جنون عام، بترها عاطفيا والوجود وكأن لا شيئ من هذا كله قد حدث .
د. طالب محمود ياسين الخفاجي
الواقعية مناقضة للفن 774