في الحروب يمنحون صكوك البطولة لكل من هبّ ودبّ، لكل من وقف في صفهم أو خدم فكرتهم، ولو كان له تاريخ مُقرفاً، مليئاً بالمخازي والجرائم!! وتنتابني نوبة من الضحك وأنا أسمع أو أقرأ مثل هذه العبارات: قضى عمره في خدمة الوطن عاش شريفاً ومات شريفاً ظل طيلة حياته طوداً شامخاً !! في حق بعض الشخصيات المعروفة، التي لو عدنا لسيرة حياتهم لوجدنا تاريخاً حافلاً بالمخازي الأخلاقية، والسلوكية، والظلم، والاعتداء، وأذية الآخرين، ولكن لمجرد أنهم حملوا السلاح وقاتلوا مع هذا الطرف أو ذاك يتحولون بقدرة الإعلام والفيس بوك إلى أبطال؟ حقا إنها حرب كل ما فيها يثير الغثيان... والبطولة يا سادة منظومة متكاملة.. والبطل الحقيقي ؛ هو بطل في عباداته، بطل في تعاملاته، بطل في سلوكياته.. بطل في أخلاقه، بطل في إنسانيته، بطل في أهدافه.. {من شروط البطولة حُسن السيرة والسلوك}.. أما أن تُحصر البطولة في حمل السلاح والقدرة على القتال فهذا سفه، وتحريض على العنف... من دهفني؟؟: أتذكر هنا قصة الطفل الذي كاد يموت غرقاً، وفقز أحد الرجال وأنقذه، ثم جاء الإعلام لتصوير ذلك البطل، وذاع خبره في كل أرجاء البلاد، فلما سأله أحدهم على انفراد: من أين أتيت بهذه الشجاعة يا بطل؟ قال: يا أخي " مدري من هو عاق والديه اللي دهفني؟ يقصد دفعني؟ فقد يكون دافع ذلك البطل المزعوم سيء الفعل والذكر: الشهرة أو المنصب أو الزلط، الفلوس، البيس، المال. قد يقول قائل أن مقتله في هذا الموطن حُسن خاتمه.. وهنا أذكر هذا القائل بقول النبي محمد صلوات ربي وسلامه عليه: ثلاثة تُسعر بهم النار يوم القيامة، منهم رجل قاتل حتى قُتل، فيقول: أي ربي قاتلت فيك حتى قُتلت.. فيجيبه رب العزة والجلال: بل قاتلت ليقال شجاع، وقد قيل. وأذكره بقول النبي لأصحابه الذين جاؤه في أحد المعارك بنبأ استشهاد رجل في المعركة فقال لهم: هو في النار بشملة غلها.. المهم تستطيعوا تسميتها في أحسن الأحوال شجاعة، أما البطولة فدعوها لأصحابها ولا تلصقوا بها كل دعي.
أحلام القبيلي
بطولات يصنعها الإعلام والفيس بوك 1132