عند الحديث عن ثورة ( 26) سبتمبر الخالدة وعن كيفية الإعداد والتخطيط لها وعن الأيام التي سبقت قيام الثورة والأيام التي تلتها، فمن المستحيل عدم ذكر الرئيس البطل/ عبد اللطيف ضيف الله. وكيف لا يتم ذكره وهو أحد العمالقة الكبار لثورة سبتمبر وأبرز فرسانها..؟ فلا يوجد مؤرخ لثورة سبتمبر إلا وتكلم- بكل فخر- عن الرئيس/ عبد اللطيف ضيف الله.. هكذا كانوا يطلقون عليه وهكذا وصفه زملاؤه الثوار في مذكراتهم.. فهو من أبرز المؤسسين للضباط الأحرار.. وتم اختياره رئيساً للجنة القيادية للضباط الأحرار في العاصمة صنعاء أكثر من مرة وكان في هذا المنصب ليلة قيام الثورة إلى جانب منصبه الرسمي رئيساً لمدرسة الإشارة.. في ليلة الثورة، وقبل ساعة على قيامها، حدث موقف خطير في معسكر (فوج البدر)، حيث توجد هناك مستودعات للأسلحة والذخيرة المتنوعة، وعندما فتح أبوابها ضابط التسليح في الفوج/ محسن جياش ليأخذ منها الثوار حاجتهم بحجة أن هناك أوامر من البدر، حدث أن أفراد الفوج وبعض ضباطه اعترضوا على ذلك وطالبوا بأوامر خطية من البدر وحدثت بلبلة وكان الموقف حرج.. إلا أنه- وقبل أن يتصاعد الموقف ويتطور الأمر- وصل الرئيس/ عبد اللطيف ضيف الله، بتكليف من لجنة تنظيم الضباط، فجمع ضباط وأفراد فوج البدر في الساحة وصارحهم بالحقيقة وبلهجة حازمة قائلاً: (إنما يجري هي ثورة للجيش والشعب ضد من سلبوا المواطن اليمني حريته وكرامته، فمن يحب أن يقاتل مع إمامه فليذهب إلى مقامه، ومن يحب أن يحظى بشرف المساهمة في الثورة مع الثوار فليتفضل، ولا تفكروا في أنكم تستطيعون عمل أي شيء ضد الثورة والثوار، فجميع الأسطح المحيطة مملوءة بالرجال المقاتلين، وإذا أردتم معركة فلنبدأ من هنا).. هكذا حسم الأمر بكلامه الحازم وشخصيته القوية.. فتراجعوا وانضم الكثير منهم إلى الثوار.. وقد أورد هذا الموقف العميد/ صالح الأشول- عضو مجلس قيادة الثورة- في كتابه (حقائق ثورة سبتمبر اليمنية). بعد هذا الموقف عاد المناضل/ عبد اللطيف ضيف الله، إلى مقر قيادة الثورة بجانب زملائه الذين تم اختيارهم ليكونوا في مقر القيادة لمتابعة الموقف أولاً بأول.. ومع انطلاق البيان الأول للثورة من إذاعة صنعاء الساعة السابعة من صبيحة يوم الخميس، تنفس بطلنا الصعداء ومعه زملاؤه من الثوار، لتبدأ بعدها رحلة العمل الشاق من أجل تثبيت الثورة والدفاع عنها.. وقد عيّن ضيف الله، عضواً في مجلس قيادة الثورة، ثم أصبح أول رئيس للوزراء في الجمهورية العربية اليمنية وتقلّد بعدها العديد من المناصب العسكرية والمدنية.. المناضل عبد اللطيف ضيف الله من أبناء مديرية النادرة محافظة إب.. وداعاً أيها البطل.. ها أنت تغادرنا في هذا اليوم السابع والعشرين من شهر مارس من العام 2019م بعد سبعة وخمسين عاماً على تلك الليلة التاريخية والمفصلية في حياة الشعب اليمني والذي كنت أحد أبطالها الكبار، وأحد من رسموا لوحتها الرائعة.. رحمك الله أيها الرئيس البطل ورحم الله كل ثوار سبتمبر أمواتاً وأحياءً.
د.كمال البعداني
وداعاً عملاق سبتمبر عبد اللطيف ضيف الله 1517