نحو أربعة أعوام ولا يزال من زملائنا الصحفيين مختطفين في سجون الحوثيين، في الوقت الذي تعاني أسرهم كثيراً من المأساة ومرارة الفقدان ويدفعون ثمناً كبيراً لأنهم فقط صحفيين، كانوا ضد سقوط الدولة منذ اليوم الأول، وظلوا على هذا الموقف يناضلون، وخلال سجنهم حدثت سلسلة تغيرات جعلت من غيرهم أبطالا وهم يعانون وأسرهم من وجع السجن والحاجة. كثير من المنظمات والمسؤولين الحكوميين زايدوا- باسم الصحفيين خلال السنوات الماضية- وكان يذكروهم ما بين الحين والآخر في وسائل الإعلام ومن خلال حملات إعلامية غير منتظمة، لكنهم تجاهلوا المأساة التي تعيشها أسرهم، سواء بحالتهم المادية المتدهورة، أو الأزمات التي تواجههم، بغياب أبنائهم والذين كانوا يمثلون سنداً لهم في الحياة، وهو أقل واجب يمكن أن يقدم للصحفيين المختطفين. قدمت الحكومة عناية كاملة للصحفيين التابعين لصالح والذين نزحوا إلى مناطق سيطرة الحكومة أو إلى الخارج عقب اندلاع معارك بينهم في صنعاء أواخر 2017، حيث تم صرف ملايين لهم من قبل حكومة بن دغر، لترتيب أوضاعهم، في الوقت الذي يدفع الصحفيون المختطفين من زمن التحالف القديم بين صالح والحوثي الثمن الى الأن ولا أحد يكترث لتضحياتهم. قبل أيام تحدثت إلى عدد من أقارب الصحفيين المختطفين، وصدمني حالة التجاهل لأسرهم من قبل المسؤولين عن ملف المختطفين، كل ما يحصلون عليه فقط هو التضامن الإعلامي فقط، حتى أن المساعدات المقررة لهم ليست منتظمة، وتصل كل أربعة شهر مبلغ رمزي زهيد لا يتجاوز 60 ألف ريال يمني أي مئة دولار، وهناك من اسر أولئك الصحفيين لا يستطيعون تأمين معيشتهم بشكل كامل. أربع سنوات كفيلة بأن يتم الاهتمام الحكومي، بالصحفيين وأسرهم وعدم تركهم يواجهون مصيرهم وحيدين وهم قدموا حريتهم ثمن لمواقفهم المؤيدة للدولة، لم تعتمد لهم الحكومة حتى وظائف رسمية، بينما يحصل على تلك الوظائف كل أولئك المقربين من المسؤولين الحكوميين، وتوزع القرارات الجمهورية بمناصب عليا، لأشخاص لا يستحقون ولا يمارسون أي مهام في الحقيقة. لا يمكن فهم هذا التجاهل للمختطفين إلا أن المسؤولين غير جديرين بالثقة، ولا يحملون هم للتضحيات التي يقدمها اليمنيون، كل ما يهمهم تأمين مستقبلهم ومستقبل أولادهم، ورفع أرصدتهم البنكية من خلال المتاجرة بأوجاع الناس والمأساة الإنسانية، وأسر الشهداء والمختطفين وآلام الجرحى. وكأقل واجب يمكن أن تقدمه الحكومة هو أن تعتمد وظيفة حكومية لكل الصحفيين المختطفين، ويتم الالتزام بدفع راتب شهري لأسرهم، بالإضافة إلى اعتماد مكافئات ومساعدات دورية في المناسبات، لكن هذا لم يتم ولن يتم على ما يبدو رغم مرور أربع سنوات على اختطاف الصحفيين. كثير من أسر المختطفين يعانون من وضع معيشي سيئ للغاية، وهذا محزن وموجع أن يتم إهمالهم وتجاهلهم، وليس أسر الصحفيين فقط لا ينبغي أن يتم هذا إنسانياً، قبل أن يكون واجبا وطنيا تجاه تلك الأسر التي تواجه مصيراً سيئا نتيجة الوضع الإنساني الذي تعاني منه البلاد اجتمالا بسبب الحرب، بالإضافة إلى أنهم- أيضاً- فقد أبنائهم حريتهم وتوقفت حياتهم سنوات في معاناة وقهر. يتقاضى المسؤولون الحكوميون رواتب بالعملات الصعبة ويقيمون خارج البلاد ولا يمارسون أي مهام، هذا بعيداً عن حالات الفساد المنتشرة في الحكومة بشكل عام، في الوقت الذي يعيش المختطفون وأسرهم أوضاعاً سيئة، وقد يكونون ضحايا لصوص يتاجرون بقضيتهم فقط خلال السنوات الماضية.
ياسر عقيل
خذلان الصحفيين المختطفين 864