بعد أربع سنوات على قيام ثورة 26 سبتمبر الخالدة (1962م) وتحديداً في عام 1966م، قام الفريق/ حسن العمري- عضو المجلس الجمهوري، ورئيس الوزراء- بزيارة إلى جمهورية ألمانيا الديمقراطية (ألمانيا الشرقية).. وخلال الزيارة طلب العمري من الحكومة الألمانية تقديم مساعدات عسكرية لحكومة الجمهورية في صنعاء عبارة عن أسلحة خفيفة ومتنوعة وعدد من السيارات العسكرية.. وقد وافقت الحكومة الألمانية على ذلك ووعدت بشحنها إلى ميناء الحديدة اليمني. عاد الفريق العمري والوفد المرافق له إلى صنعاء.. وبعد فترة قصيرة توجه لزيارة القاهرة ومعه القاضي/ عبد الرحمن الارياني- عضو المجلس الجمهوري حينها، والذي روى هذه القصة في مذكراته-.. وأثناء وجودهم في القاهرة جاءهم القنصل اليمني في ألمانيا وأبلغهم أن الحكومة الألمانية أبلغته أنها كانت على وشك شحن تلك المساعدة إلى اليمن، إلا أن السلطات المصرية- التي علمت بالأمر- قد طلبت من ألمانيا تأخير إرسال تلك المساعدة إلى اليمن، وإذا كانت قد شُحنت، فالتوجه إلى مصر. انزعجا العمري والإرياني من التصرف المصري واعتبراه إهانة للجمهورية العربية اليمنية.. ومن ثم طلبا مقابلة المشير عامر، فاجتمعا به في اليوم الثاني ومعه السيد/ أنور السادات، وجرى بينهم نقاش حاد وتلفظ- خلالها- المشير عامر بكلمة نابية، فخرج العمري والارياني وهما في قمة الغضب والشعور بالمهانة، فقام العمري بتقديم استقالته موجهة إلى الشعب اليمني مباشرة وموضحاً فيها الأسباب.. وعلى إثرها قدّم كل من الارياني والأستاذ/ أحمد النعمان والشيخ/ محمد علي عثمان- المتواجدين حينها في القاهرة- استقالاتهم من عضوية المجلس الجمهوري.. وهنا تسرّب الخبر إلى وسائل الإعلام، فسارعت السلطات المصرية بالتواصل معهم وتم اللقاء بهم مرة أخرى مع نفس الأشخاص وقدموا لهم الاعتذار ووافقوا على وصول الشحنة العسكرية إلى اليمن ووافقوا كذلك على طلبات أخرى. فعل الجانب اليمني ذلك التصرف وهم في القاهرة غير مكترثين بأي نتيجة، فعلوا ذلك والمعارك محتدمة في العديد من الجبهات في اليمن بين القوات الجمهورية والإمامية، فعلوا ذلك ومصر لديها ما يقرب من سبعين ألف جندي مصري في اليمن والميزانية العسكرية والمدنية لحكومة الجمهورية يتم دفعها من القاهرة.. لكنه المبدأ والكرامة.. رحمكم الله أيها الأبطال,, لقد كنتم رجالاً.. فما أحوجنا إلى أمثالكم في الوقت الراهن.
د.كمال البعداني
عندما كانوا رجالاً! 1334