ترجّل المناضل اليساري على صالح عباد (مقبل)، إلى مثواه الأخير- رحمة الله عليه- شامخاً بثباته على القيم والمبادئ التي تربينا عليها، الرجل الذي احترم أدبيات ووثائق حزبه ونهجه الأممي والوحدوي الصامد أمام زوابع الفوضى التي أخذت معها الكثير من رفاقه نحو التخلّي عن النهج القويم والمبادئ الثابتة، المعبرة في وثائق وأدبيات الحزب والقوى الوطنية، صاحبة المصالحة الحقيقية في الدولة الوطنية الضامنة للمواطنة والحريات والعدالة، دولة توحد الأمة لا تفرقها، تلملم شتات الأمة في مشروع وطني كبير، يكبر بحجم التحديات، لا تفرقها لمشاريع صغيرة. رجل احترم نفسه، في مواقفه النضالية ضد اعتى نظام استبدادي تسلطي، وهو في قمة قوته وجبروته، احترم نفسه عندما رفض أن يعمل كموظف فاقد القرار والحرية تحت سلطة ذلك النظام، بل ظل يرفض سياسة الصلف والتجبر، واستعاد حزبه الاشتراكي من تحت مخالب النظام الذي اعتقد أنه قادر على اجتثاث هذا الحزب العريق، أعاد مع رفاقه ترتيب البيت الاشتراكي، بل ترتيب تكتل القوى الوطنية بكل توجهاتها الإسلامية واليسارية واليمينية، تحت مسمى اللقاء المشترك، الذي خلخل أركان النظام الفاسد حينها. محترم برفضه للمشاريع الاستعمارية الصغيرة التي رفضها شعبنا وقدّم- من أجل الخلاص منها- التضحيات الجسيمة، ولم يرتم لأحضان الارتهان لأجندات خارجية من أجل تحقيق مكاسب تحت شعار استعادة الدولة وفي باطنها ارتهان وفقدان للسيادة وارتماء لأحضان أعداء القضية، لم يبحث يوماً عن سلطة ومجد الزعامة القادم على ظهر دبابة الأعداء ليستلم الحكم.. هو زعيم بروليتاري بسيط، عاش مع البسطاء وحمل حلمهم وتطلعاتهم. هذا هو المناضل "مقبل" الذي يحترمه الجميع والقوى السياسية، بمختلف توجهاتها وأفكارها وأيدولوجياتها.. فرض احترامه بمواقفه وسياسته وثبات قيمه، وأجمع عليه الجميع.. أين أنتم من "مقبل" يامن تبيعون اليوم الوطن إقطاعيات تحت وهم استعادة الدولة؟ وهل تعتقدون أن الناس في غفلة من ثراكم الفاحش اليوم واستثماراتكم التي تعبّر عن فسادكم، يا من قبلتم أن تلبسوا ثياب غيركم، بما يعبّر عن تخليكم عن الهوية اليمنية الأصيلة، والتبعية والارتهان والعار، وتصنعون المبررات المخزية التي تتساقط اليوم وتعريكم؟؟ هذا الفرق بين الثراء والثريا. هذا هو الرفيق مقبل من بقي من المحترمين الذين لم يتلطخ تاريخهم، بالعمالة والارتهان، ولم يكن يوماً موظفاً تحت سلطة فاسدة ومتسلطة، رجل له رأيه وحريته هي حرية وطنه، وسيادته هي سيادة وطنة، يفتخر بهويته اليمنية، وسخّر نضاله من أجل استقلالها وتحريرها من لوبي الفساد والتسلط والهيمنة، لا كما نرى اليوم العار الذي لحق بالبعض ليتخلوا عن هويتهم، ويبحثوا بين نفايات الماضي عن هوية بديلة تجعلهم مجرد أدوات لمشاريع استعمارية، لقوى إقليمية ومافيا الاقتصاد والاحتكارات والشركات التي تتحكم وتنهب اليوم ثروات الشعوب. رحم الله رفيقنا علي صالح عباد مقبل، وأسكنه فسيح جناته، وإنا لله وإنا إليه راجعون.. نودعك ودموعنا تذرف على ما نحن فيه من واقع مخزٍ، لن نرثيك بل ستكون نبراساً لنضالنا ومثالاً نحتذي به، وعلى دربك سائرون، للدولة الوطنية الاتحادية الضامنة للمواطنة والحريات والعدالة، لا للمشاريع الاستعمارية.
أحمد ناصر حميدان
وداعا أيها الرفيق مقبل 1249