جلس اليماني في المكان الخطأ من قضيتنا الوطنية قبل القضية الفلسطينية.. مكانك في الحرب قد يكون فارقاً بين حياتك وموتك وهزيمتك وانتصارك وأنت في قلب معركة، مهم أن تختار جيداً مكان وقوفك وجلوسك وموطئ قدمك، هي ميدان خطر وملغوم ومفتوح للقنص والاستهداف والمباغتة، وقضيتك مرهونة بمدى قدرتك على مخاتلة عدوك والانفلات من مرماه وعدم تقديم نفسك له كهدف سهل على كل المستويات. أنت تخوض صراع وجود وبقاء مصيري يستدعي مطلق اليقظة والانتباه والوعي بالمخاطر والمهددات.. العمل السياسي والدبلوماسي في خضم الحرب يستدعي بقاءك مستنفرًا شديد الحرص كثير التوجس في أعلى مستويات الكفاءة والحضور، تحسب جيداً حساب كل حركة والتفاتة وكل كلمة وإشارة وتعبير وكل وقفة وقعدة. أنظر جيدا أين تضع مؤخرتك؟ فقد تتطاير أشلاء وفضائح مدوية ووصمات عار في وجوه الجميع.. كل شيء سلاح في المواجهة و أداة صراع والصورة قد تكون أكثر فتكا وقتلا وإصابة. هذه الجلسة الخرقاء المكلفة تستدعي التوقف، على الشرعية مراجعة طبيعة حضورها وصورتها وتعبيراتها وأدائها وكل ما بتعلق بمستويات تمثيلها للقضية الوطنية وتجسيدها لدى الرأي العام في الداخل والخارج. منح اليماني الحوثيين فضيحة صالحة للاستخدام ضد الشرعية والمشروع الوطني المقاوم عموماً، وقدّم لهم ما يعزز مزاعمهم الكاذبة ويعطي شعاراتهم مصداقية ما لدى الوعي العام المحلي المقهور والمحاصر والقابل للتصديق والتضليل كما وفر لهم مادة حرب دعائية مهمة في التحشيد والتجييش والاستمرار. جلس اليماني فوق قضيته أولاً ووضعنا في موقف دفاعي صعب إزاء جماعة بلا موقف ولا قضية سوى ما تمنحهم إياه البلاهة والسذاجة. ابتهج الحوثيون بجلسة وزيرنا العاثر جوار نتنياهو واحتشدوا في الميادين احتفاءً بظهور واحدة من كبرى علامات قدسية حربهم بدعاواها وشعاراتها المرفوعة وأقاموا بصريح جلسة اليماني الحجة على جميع المذبذبين وأعلنوا براءتهم من الخونة وضمنوا مدداً جديداً من المقاتلين ضحايا خطايا الحوثيين وأوضاع ووضعيات الشرعية الخاطئة. هل مازال في وسعنا اختيار أين نجلس وأين نقف من قضيتنا وقضايا الحلفاء والمحيط والعالم كله؟ هل بمقدورنا إعادة تحديد أولوياتنا في هذا الصراع؟ واستعادة القرار والخيار في اتخاذ الأعداء والأصدقاء وفي إدارة الحرب وصناعة السلام؟ من يقرر أين نقعد وأين نقوم؟ أين مقعدنا من الوطن المضاع؟ ومن تراه الجالس حقيقة في الجوار؟ * المقال خاص بالمصدر أونلاين
أحمد عبدالتواب
اليماني.. جلسة مكلفة 815