أثبتت كل الأحداث السابقة للثورة واللاحقة لها أن الحوثيين هم أداة الهدم الحقيقية التي أنشأها صالح ورعاها وقواها حتى آتت ثمارها في الانقلاب المشؤوم في 21 سبتمبر عام 2014 ليتم بعدها محو كل ما يتعلق بالثورة وهدم الدولة ومؤسساتها وعودة الإمامة إلى الساحة مجدداً، كما أنبأت الأحداث أن صالح لم يكن سوى الواجهة السياسية للإمامة الحديثة، ما أثبت صوابية الثورة ضده والعمل على استرداد الجمهورية.. في هذا التقرير نسلط الضوء على معاول هدم الثورة والدولة والجمهورية من خلال الواجهة الحوثية ومحطاتها عبر مسيرة ثورة فبراير في ذكراها السادسة. الحوثيون يقتلون ويختطفون ثوار 11 فبراير بعد انقلاب الحوثيين على الدولة وغزوهم صنعاء والمحافظات الأخرى ركزوا على شباب الثورة ورموزها قتلاً واختطافاً وفصلاً من الوظائف، وضايقوهم على كل المستويات. ذلك التركيز من قبل الحوثيين على شباب الثورة لم يكن له من تبرير سوى انقلابهم على الثورة وفضحوا على كل المستويات، وما كان يقال عنهم في ساحات الثورة من أنهم عملاء لصالح وساعون في إفشال الثورة لم يكن تجنياً عليهم بل لقد صار كل شيء حقيقة ماثلة للعيان. كشفت مراحل ما بعد الثورة الوجه القبيح للحوثيين واستخدامهم كبلاطجة مستأجرين للارتزاق ولمن يدفع أكثر وعراهم أمام الشعب اليمني وقضى على صورتهم بادعاء المظلومية التي تحولت إلى ظالمة لكل فئات وأفراد الشعب اليمني. وكانت نيابة شمال غرب ونيابة الاستئناف قد تحفظت على عشرات المتهمين بارتكاب جريمة مذبحة جمعة الكرامة بحق شباب الثورة السلميين في 18 مارس 2011 وراح ضحية تلك المجزرة حوالي 50 شاباً من شباب الثورة وألقي القبض على هؤلاء القناصة متلبسين بجرمهم في ساحة الجريمة والتي كان لها عميق الأثر في إسقاط النظام السابق. ويظهر من خلال الفيديو الذي أظهرته قناة المسيرة التابعة للمليشيات الحوثية أن هؤلاء المساجين من أصحاب المحكوميات العالية وبعضهم من مرتكبي مجزرة جمعة الكرامة بحق شباب الثورة. دور الحوثيين في شق صف الثورة: منذ اللحظات الأولى للثورة حين قبلت المكونات السياسية بالحوثيين في المشاركة بالثورة عن حسن نية، خاصة وأنهم قبلوا بالتخلي عن السلاح والعمل السلمي في إطار كل المكونات في الساحة اليمنية، لم يكن يعلم الجميع أن الحوثيين فئة مستأجرة من قبل الرئيس السابق علي صالح لدسها في شق الثورة والإساءة لها بكافة الوسائل. وما هي إلا أيام من عمر الثورة حتى كشر الحوثيون عن أنيابهم وبدأوا العمل على شق الثورة من خلال العديد من المظاهر، والتي منها: عدم الخروج في المظاهرات التي كانت تدعو لها اللجنة التنظيمية للثورة، وكان الحوثيون قد عملوا على تسيير مظاهرات خاصة بهم تحت لافتات عدة منها "شباب الحسم الثوري" لإظهارها بمظهر التحرك التلقائي المستقل بعيداً عن مكونهم الأساس ولافتتهم الحقيقية "شباب الصمود"، وكذلك عن طريق بث الفرقة والتذمر والتمرد على المنصة الموجهة للتعليمات والتي تتكون من كافة المكونات السياسية. وكذلك عن طريق استحداث منصات أخرى أمام جامع الجامعة ثم أمام الجامعة القديمة، ثم أمام جولة الشهداء (الرقاص) وصولاً إلى منصتهم النهائية أمام جولة القادسية. أكثر من 10 جولات وحادثة اعتداء شنها الحوثيون على منصة ساحة التغيير وعلى شباب اللجان النظامية وعلى مكونات الساحة وكذلك حتى على بعض العسكريين من الفرقة الأولى مدرع. لقد حرصت قيادة الساحة من اللجنة التنظيمية العليا ومن بقية المكونات أن لا يدخلوا معهم في مشادات ومعارك جانبية حتى لا تبدو الساحة منقسمة فيفرح النظام بذلك فيزيد من تغذية هذا الانقسام، إلا أن الواقع لم يستطع أحد أن يخفيه وحتى هم يحاولون إثبات ذلك الانقسام وإظهاره بين الناس، مع أنه – للأسف- جمهورهم من الشباب المستقل البعيد عن التنظيمات الحزبية. تنسيق الحوثيين مع صالح لهدم الثورة: لم يكن أمر شق الثورة من داخلها بمحاولات الحوثيين من تلقاء أنفسهم، بل كان الأمر يجري بالتنسيق الكامل مع صالح مهما بدا بين الجانبين من عداوات ظاهرية غير أن التنسيق بين الجانبين كان يجري على قدم وساق منذ اللحظات الأولى، وظهر جلياً بعد أحداث مجزرة جمعة الكرامة. في بعض مراحل الثورة وخاصة بعد مجزرة جمعة الكرامة تسربت معلومات تفيد أن صالح والحوثيين يجرون تنسيقاً خفياً لتوجيه بوصلتهم تجاه الفرقة واللواء/ علي محسن وحزب الإصلاح، وأنه إن سلم السلطة فلن يسلمها إلا للحوثيين نكاية بعلي محسن والإصلاح، أو أنه على الأقل سيسلم للحوثيين صعدة والجوف وحجة وصنعاء وعمران، وهو ما ترجم عملياً إلى دعوة قائد الحرس الجمهوري نجل الرئيس أحمد قائدي لواءين في الجوف وفي صعدة لتسليم تلك الألوية للحوثيين، وفي حين سلم صاحب صعدة هرب صاحب الجوف ونزل الحوثيون من صعدة باتجاه الجوف للاستيلاء على اللواء 115 ميكا حرس جمهوري وعلى معسكر الأمن المركزي هناك، فأسرعت إليهما قبائل موالية للإصلاح في الجوف، ودارت اشتباكات عنيفة بينهم وبين الحوثيين وتسلمتهما قبائل موالية للدولة وللإصلاح وقبائل الجوف وشكل ضربة قوية للحوثيين ما جعلهم يشنون حرباً على المعسكرين ودارت مواجهات عنيفة. كان التعاون القتالي بين الحرس الجمهوري والحوثيين بدأ مبكرا ضد الفرقة منذ حروب صعدة الأولى، كما أكد ذلك مؤخراً الرئيس/ عبدربه منصور هادي في مقابلته الصحفية مع صحيفة القدس العربي. محطات من أحداث الحوثيين في الثورة: -في يوم السبت 2 أبريل 2011، بدأ الحوثيون يحرضون صراحة على الشباب وافتعال الأزمات، وارتفعت أصواتهم لإسقاط اللقاء المشترك على أنه جزء من نظام صالح ومتعاون معه، ولم تكن الحادثة سوى صرف أنظار الشباب عن هدفهم الحقيقي في إسقاط صالح. - في يوم الاثنين 9 مايو شهدت ساحة التغيير بصنعاء يوماً غاضباً بين شباب الساحة احتجاجاً على عدم التصعيد الميداني والزحف إلى القصر الجمهوري وسرعة حسم الثورة. وفي الوقت الذي كان الفعل الثوري يمضي في الساحات وتراق دماء الشباب من قبل نظام صالح كان الحوثيون يزحفون على محافظة الجوف للسيطرة عليها. ففي يوم السبت 21 مايو وقع تبادل لإطلاق النار في الجوف بين قبائل موالية للثورة وبين الحوثيين على خلفية زحف الحوثيين إلى الجوف ومحاولة السيطرة عليها، مستغلين الفراغ الأمني والسياسي في البلاد بعد سقوط المحافظة بيد الثورة. وقد جرى تبادل إطلاق النار في سوق الإثنين ذو حسين وسقط 8 قتلى من الطرفين. ومن هنا بدأت الحرب في الجوف بين قبائلها وبين الحوثيين. كان صالح قد اتصل بعبدالملك الحوثي لتحريضه على الجوف وتسليمه معسكر اللواء 115 مشاه في الجوف نكاية بالثورة مقابل مواجهة الإصلاحيين هناك وشق صف الثورة وجرجرة المعارضة لحرب داخلية بينها بعيداً عن النظام، كما فعل مع أبين وتسليمها للقاعدة، إلا أن القبائل استبقت الحوثيين وسيطرت على المعسكر ووجهت ضربة قاصمة للحوثيين. - في ليلة الثلاثاء 14 يونيو 2011، قام الحوثيون ومعهم ما يسمى بـ"شباب الحسم" الذين يديرهم الحوثيون بالاعتداء على اللجان النظامية للمنصة ودارت اشتباكات بين الجانبين حينما حاول الحوثيون اقتحام المنصة والاعتداء على اللجان الأمنية، متهمين الإصلاحيين بالسيطرة على المنصة وتوجيهات الشباب المعتصمين، وهم يريدون توجيه الشباب لمسيرات حاسمة بالزحف، غير أن المنصة ومن خلفها اللجنة التنظيمية للثورة رفضت التحركات غير محسوبة الجوانب خاصة وهي ترى أن تلك اللافتة ما هي إلا جر الشباب إلى أفخاخ مع عناصر صالح لم يسلموا من اعتداءاتها في كل مرة. - وفي يوم الاثنين 27 يونيو 2011 قام بعض من "شباب الصمود" الحوثيين في جولة شارع عشرين بساحة التغيير بصنعاء بالاعتداء والضرب المبرح على جندي من جنود الفرقة الأولى مدرع أثناء مروره بالساحة وقاموا بسلبه سلاحه الشخصي (بندقية آلية) بالقوة. - وفي يوم السبت 9 يوليو 2011 دارت مواجهات عنيفة بين الحوثيين وقبائل محسوبة على الثورة في محافظة الجوف، ذكرت بعض المصادر الإعلامية "أن 18 قتيلاً سقطوا من الحوثيين بينهم فرحان بن بدر الدين الحوثي الشقيق الأصغر لعبد الملك الحوثي قائد الحوثيين، واثنين من القبائل الموالية للثورة" ولم يتم معرفة الرقم الحقيقي للقتلى بين الجانبين من مصادر محايدة. وأثناء الاقتتال بين تلك القبائل والحوثيين في الجوف، انسحب كثير من الحوثيين من ساحة التغيير بصنعاء للقتال إلى جانب بقية الحوثيين في الجوف ولم يتبق منهم إلا القلة القليلة من الموالين ولاءً تعاطفياً في خيمهم حتى لا يشعر الآخرون بهذا الانسحاب. - وفي يوم الخميس 14 يوليو، تسربت معلومات أن رئيس "ائتلاف شباب الصمود" الحوثي في ساحة التغيير بصنعاء خالد المداني مع أربعة آخرين من الحوثيين التقوا اللواء علي الآنسي - رئيس جهاز الأمن القومي - للتعاون والتنسيق بين الطرفين ضد الثورة والثوار، الأمر الذي أثبت عدم جدية الحوثيين من التغيير والثورة وتواطؤهم مع النظام ضد الثورة ومصالح اليمن. أعقب ذلك اللقاء حشد حوثي كبير وتحرك نحو الجوف للاستيلاء عليها، وقد صدر بيان من قبائل الجوف يومها يتهم الحوثيين حشدهم للحرب وعدم جديتهم في الثورة ولا في السلام في المحافظة لتتجلى نوايا الحوثيين في أولى التحركات نحو الانقلاب بالتنسيق مع صالح. الحوثيون ومسيرة الحياة: في تلك المسيرة لعب الحوثيون دوراً مشبوهاً لجر المسيرة إلى تلك المجزرة بمحاولة السيطرة عليها وتوجيهها وكذلك ظهور بعض مسلحيهم بشعاراتهم وسط المسيرة، مما أظهر تقاطع مصالحهم وتحالفهم مع علي صالح منذ الوهلة الأولى وخاصة بعد مجزرة جمعة الكرامة إلا أن هذه المسيرة أكدت على التنسيق بين الجانبين وخيانة الحوثيين الثورة من الداخل. كان الحوثيون يحرضون مسيرة الحياة على المضي للاعتصام في ميدان السبعين على الرغم من أن الاتفاق مع المسيرة كان أنها توصل رسالتها من خلال مسيرتها العظيمة ومواصلة المسير نحو ساحة التغيير والربط الرمزي بين ساحتي تعز وصنعاء. كانت محاولة الحوثيين عبارة عن استدراج للمسيرة بالتنسيق مع المخلوع صالح، وكان مسلحوهم يتعمدون الظهور على أسطح المنازل المختلفة في شارع تعز لإظهار المسيرة بأن فيها مسلحين.. سقط تسعة شهداء في المسيرة وأكثر من مائة جريح ولم يكن بينهم مصاب واحد للحوثيين. وفي اليوم التالي لمسيرة الحياة قام الحوثيون بالتحريض على ساحة التغيير وعلى لجنة النظام والمنصة بحجة مصادرتها من قبل الإصلاحيين وتحريض شباب تعز على الاشتباك مع شباب صنعاء لإظهار الثورة بمظهر الانقسام، وكان يتولى الأمر عبدالكريم الخيواني وأحمد سيف حاشد ومحمد المقالح ومحمد صبر. تم إفشال مخطط الحوثيين في الاعتداء على الشباب بعد أن أدرك الكثير منهم أن الحوثيين يسوقونهم لتصفية حسابات بينية مع بعض مكونات ساحة صنعاء فانسحب الكثير منهم. واعترف بعض منهم أنهم حصلوا على بعض الأموال وأن الحوثيين حرضوهم على افتعال المشاكل في الساحة بعد أن تدخل بعض العقلاء في بعض المكونات لسحب شبابهم من الساحة والعودة إلى تعز.
توفيق السامعي
قراءة في مشاركة الحوثيين في ثورة فبراير.. حقائق وأهداف 974