ماذا يجري في هذا البلد، ونحن نرى النخب الذي يراهن عليهم المواطن المسكين منهمكون في مناكفة سياسية، تتفوق فيها أنانية الخاص على اهمية العام. عندما أضرب المعلمون للمطالبة بحقوقهم ومستحقاتهم، كان لديهم حق ومستحق ضاع في أدراج فساد النظام السابق وفوضى العبث والحرب وتداعياتها وما تبقى من فساد وبيروقراطية إدارية، وتعطيل هذه الاستحقاقات كانت تخدم مصالح أنانية للمعنيين في التعطيل، في إدارة التربية والعمل والخدمة المدنية والمالية. لكن الإضراب وسيلة لا غاية، وسيلة ما لم تحقق الغاية يتحول لاعب معطل في الحاق العام، حق الطفل والشباب في التعليم، وحق الوطن في استمرار عملية التعليم لتنوير العقول وتوعية الانسان بمصالحه العامة وحقه في الحصول على المعلومة والتأهيل العلمي والمعرفي، طال الإضراب حتى صار مضر في الصالح العام، وهنا يسقط الحق الخاص عندما يضر الحق العام، ويتطلب وسائل اكثر نفعا للمعلمين والحق العام في التعليم، ونتمنى اليوم أن تكون الحكومة المعنية في الحق العام اكثر حرصا في اعطاء المعلم حقة ومستحقاته وفق القانون والدستور حتى لا يضطر للأضراب المعطل لعملية التعليم، الفترة المتفق عليها اليوم تكاد تقترب ونحن لا نرى جهود تثمر في هذا الاتجاه، الكل غير مبالي، وبعضهم ينتظر قرار عصاء سحرية وهو على مكتبة دون أن يقدم شيء يذكر بذلك، بينما على الأرض المعلمون منفعلون وفي أقرب فرصة يمكن أن ينفجرون في وجه هذه اللامبالاة والبيروقراطية الإدارية. ها هو مشهد إضراب المعلمين يتكرر في مواقع اخرى، مؤسسات خدمية، ومؤسسات إيراديه لا تعمل وتطلب من الحكومة دعم موازنتها التشغيلية ومنها الرواتب، وكثيرا من المؤسسات، والكل له الحق في المطالبة في حقوقه وفق النظام والقانون المعمول به، في اطار دعوة مكوناتها النقابية والحقوقية، البعيدة عن السياسة والمدياسة كضغط بين اطراف المنازعات السياسية، اليوم نشهد اضرابا للقضاة والنيابات. القضاة والنيابات هم أدوات تنفيذ القانون وترسيخ العدل في المجتمع، هم من يحكم بين الناس، العدل مهمتهم الأساسية، يستقيم العدل عندما يستقيم القضاء، هم معنيين بأنصاف المظلومين على هذه الارض، واقسموا بذلك، اذا تعطل القضاء تعطل العدل، هذا ما يخدم الخارجين عن القانون، المنتهكين، والسجون الغير ملتزمة بحق المواطن في القانون، السجون المنتهكة لحقوق وكرامة الناس، والإخفاء القسري، هم المعنيين بكشف حقائق الأمور في هذه الانتهاكات، الناس لمن تشتكي لله ثم القضاء، الله المنصف في السماء والقضاء المنصف في الارض، والقاضي مثلة مثل السلطة مسؤول عن ما يحدث من انتهاك وظلم في اطار سلطته القضائية، عندما يطالب القضاء اليوم بحقوقهم، أين الواجبات الملقاة على عاتقهم، والمظلومين نسمع صدى اصواتهم في شوارع عدن يوميا نساء وأطفال وشيوخ، من جور الانتهاكات والإخفاء القسري، السجن الغير قانوني والتعذيب، وعندما يسأل المسئولون يكون الرد النيابة والقضاء مضرب. ما نحتاجه في مثل هذه المرحلة الاستثنائية، والحرب العبثية، وتداعياتها من مكونات طارئة تمارس اليوم كل سبل الانتهاك والعبث المعيق لترسيخ الدولة ومؤسساتها الفاعلة ومنها القضاء والنيابة والعدل، والوزارات المعنية بحقوق الناس، والمؤسسات الرقابية والمحاسبة لمحاربة الفساد والعبث بالنظم والقوانين، بحاجة لتكاثف الجهود معا لتستقيم الدولة ويستقيم العدل، ويكون هناك إنصاف عام لهيكل عام عادل بين جميع فئات الشعب، لا نحتاج لهياكل خاصة فيها تمايز بين الموظفين، تلك هي وسائل النظام السابق في شراء ذمم النخب وإعطائها امتياز، وصل الفارق في الراتب بين الموظفين لعشرة اضعاف راتب موظف اخر بنفس المستوى المؤهل والأداء، إنه الظلم ظلمات يوم القيامة، ويحتاج أن يستقيم ميزان العدل هنا، بان تستقيم الدولة الضامنة لهذا العدل، دولة تحقق إرادة الناس في صندوق انتخاب يختارون من يحكمهم دون ضغط سياسي ومماحكة وفرض امر واقع بالعنف والسلاح والعبث والفوضى الخلاقة.
أحمد ناصر حميدان
فوضى الإضراب 1074