معركة اليمنيين مع الشرذمة الإمامية من المعارك المصيرية التي تتوقف عليها حياتنا ومستقبل أجيالنا، ومثل هذه المعارك بحاجة لتظافر جهود الجميع بلا استثناء. فالغضب الذي نزل إلى الساحات قبل سنوات، ينبغي أن يبقى وينتقل إلى الجبهات ويرتدي "الجعبة" والبندقية، أو أن يتحول إلى عمل داعم للجيش والمقاومة. إذ أنه بقدر الجهد المقدم من كل شخص يكون امتداد جغرافية النصر، ولو كان هذا الجهد في حده الأدنى كاستعادة الشعور الإيجابي بالذات الوطنية وبالثورة والمقاومة، والرفض الداخلي للاستكانة والتعايش مع سلطة العسف والقهر. من المهم في أي معركة أن تكون روح المسؤولية العامة عالية ومستمرة، فكلما اشترك الأحرار في كلفة النضال وثمن النصر، زادت قدرتهم على مواجه الأزمات والصعوبات، وتضاءل تأثير المخططات الرامية لتحويل معركة استعادة الشرعية إلى حرب طويلة الأمد، لا غالب فيها ولا مغلوب. إن جهد الفرد يضيف شيئاً، وجهود المجموع تصنع فرقاً، ولا قياس للمناضل أفضل من عمله وبطولته، والمنتصر هو ذاك الذي يحتفظ بحلمه بالنصر والمستقبل لأطول مدى، ولا يفقد حماسه وصبره حتى آخر نفس. ففي الثورات يكون مشهد نهايتها هو الأصعب، ويتطلب جهداً وتجلداً أكبر، أما البداية فقد يحسنها معظم الثوار، كما يقول البردوني: ربما أحسنوا البدايات لكن هل يحسون كيف ساء الختام
في تاريخ الأمم والشعوب لم تنتصر إلا الثورات التي لم يتوقف أبناءها في منتصف الطريق، وتشبثوا بالأمل والنضال، ولم يسمحوا للخذلان واليأس أن يقتحم نفوسهم ويُغيّب بأسهم وشجاعتهم. ذلك أن موت أي ثورة لا يكون بسلاح العدو وقوته، بل بموتها في نفوس أبنائها، أما إن ظلت حية فيهم فلا يدركها الموت، بل يدركها الانتصار الظافر. المؤكد أنه لا شيء يسلم نضالات الشعوب للخسارة ويبدد تضحياتها كاليأس والبحث خارج الذات عن العوامل التي تتحكم في سير المعركة، وربط النصر أو الفشل بما يفعله أو يتآمر به الآخر، لا بما نفعله أو بما لا نفعله نحن أيضاً. النصر يبدأ من الذات.. من نضالها وعزمها ورشدها، وأي رهان على غير الذات خاسر، كما أن الرهان على تردي الأوضاع في مناطق سيطرة الانقلاب غير مجدٍ، وبعكس الاعتقاد السائد عن ثورة الجياع، فإن الفقراء فقراً شديداً لا يثورون غالباً، والذين يخافون بطش من حولهم يحجمون عن الانتفاضة والمقاومة.. عادة ذوي الدخل المتوسط والحركات الجماهيرية هي التي تثور.