إن أي بلد وأي مجتمع لا يهتم بأطفاله لا يمثل أمة على الإطلاق (نيلسون مانديلا). الاهتمام بالأطفال هو الاهتمام في تعليمهم وتربيتهم، وما للتربية والتعليم من دور محوري ومهم في إعداد الإنسان، وبناء الشخصية المتعددة المواهب والقدرات والكفاءات، تعليم اليوم هو ترمومتر الغد، لا مستقبل منشود دون تعليم يعد الأنسان الجدير بهذا المستقبل، التعليم يبني الثقة عند الأفراد بشكل واضح، فهو يجعل الإنسان أكثر ثقة بنفسه وبقدراته وبالتالي يصبح أكثر إنتاجية من غيره، فمن خلال التعليم يصبح أكثر قدرة على اتخاذ القرارات، ومن خلال التعليم يعلم ما هي القيم والأخلاق الحميدة التي يجب التحلي والاتصاف بها، ويصبح قادراً على الابتكار والريادة في الأعمال المختلفة، بالإضافة إلى تمكنه من بناء مستقبله كما يريد ليكن قادرا على خدمة المجتمع . يبدأ الانحطاط من إهمال ممنهج للتربية والتعليم، لتدمير روح الإنسان، إفراغه من القيم والمبادئ، والغيرة على وطنه ومجتمعه وبإنسانيتها، الغيرة على حق غيره في الحياة كما حقه فيها، تدمير يرسخ الأنانية والمصالح الضيقة، لتتصدر مشاريع صغيرة على مشروع وطن وأمة. الأمم لا تنبض حياة دون تعليم، الحياة تبدأ من المدرسة والجامعة حيث يصنع الإنسان، الذي يتسلح منها علم ومعرفة وثقة وغيرة، اناس المستقبل، بنية الجيل الناشئ المعد جيدا ليواكب العصر وتطوراته، ليتحمل دوره الرئيسي في بناء دعائم الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، الحياة الثقافية والفكرية، حياة مشبعة بالمشاعر الانسانية الرائعة، التي تعطي للحياة طعم الحب والتسامح والتوافق، الإنسان الجدير بالنهضة والعلو لا مثير للشفقة بالتدمير والانحطاط . مؤسف لحال التعليم اليوم والمعبر عن مخرجاته واقعنا البائس، واقع محبط لقراءة المستقبل، عن أي مستقبل نتحدث لبلد يفتقد لأبسط سبل التعليم؟, وأهمها المعلم المؤهل والجيد والخالي من منغصات الحياة وهموم المعيشة، ماذا تنتظر من مخرجات تعليم لمدرسة بطاقم غير مكتمل، وشواغر لمواد أساسية وعلمية، والكل يعرف ترابط المنهاج والتكامل للمواد الدراسية كسلسلة مترابطة ببعضها، إذا فقدت حلقة من هذا السلسلة فقد الهدف العام، وهنا مربط الفرس، يصير المجهود ناقص ولا فائدة منه . شكوة زميلي المواطن المهتم بأبنائه، والحريص على تعليمهم والمتابع لأمور مدرستهم، يشكو من بداية العام الدراسي عدم توفر مدرس فيزيا لطلاب الثانوية العامة في مدرسة في عدن التي عرفت التعليم في القرن التاسع عشر، كسباقة في الجزيرة والخليج، يعني ذلك الكثير بالنسبة لنا، حيث المجتمعات الانسانية تتقدم ونحن نتخلف. ظل يتابع ويطالب وينادي، دون أن يجد استجابة، طرق كل الأبواب المعنية بالتعليم، والمختصة بالخلل القائم، لم يجد غير الوعود، هل من مستجيب، القضية ليست قضيته الشخصية، هي قضية وطن ومستقبل وجيل وأمة . نقدر ظروف البلد وتداعيات الحرب، لكنها ظروف تستدعي النضال والمثابرة، والاهتمام المتزايد بالأهم وهو التعليم، لن تنهض البلد دون تعليم، ولن نستطيع الخروج من أزماتنا دون تعليم، ولن تصلح أحوالنا دون تعليم، من اهتمامنا بالتعليم نعرف مستقبلنا، والواقع هو انعكاس لهذا الاهتمام، واي مستقبل ننشد دون ان نولي اهتمام بالتربية والتعليم المطلوب اليوم خلع رداء الهزيمة والتخلي عن مبرراتها القبيحة، لننتصر في داخلنا أولا وننهض، ونركز على التعليم، ثم التعليم، نهضت ألمانيا ما بعد الحرب بنساء بحثوا عن الكتب في ركام الحرب ونفضوا عنها الغبار وبدوا بالتعليم كخطوة لتستعيد المانيا عافيتها، واستعادة روحها ونهضت، اين نحن من هذا الدرس والعبرة، لنهتم بالتعليم والمعلم والعملية برمتها، لنضمن مخرجات بنا الانسان الجدير بالمستقبل .
أحمد ناصر حميدان
التربية والتعليم والمستقبل 1308