انطوى عام 2018 بكل مآسيه وآلامه, العام الرابع على التوالي للحرب العبثية لقوى العنف والاستبداد، والانقلاب على حلم وطموح البسطاء، المنسوجة في مخرجات الحوار الوطني.. انطوى وتخالجنا أمنيات بسيطة أن يطوي معه هذه الحرب العبثية الملعونة، أن يطوي آثارها إخفاقاتها مناكفاتها، أن يخرس مثيري الفتن والإشاعات، مشعلي الحرائق، مروجي الأوهام والارتهان، أصحاب المصالح الضيقة والأنانية الذين خلعوا هويتهم ورموا مبادئهم وقيمهم وتنازلوا عن السيادة ويتحولون لأتباع وأدوات تديرها أجندات، لتبقى الحرب الفرصة السانحة لهم ليتصدروا المشهد بكل ما هو سيئ، ليغيبوا بقصد أخياره وعقلاءه، وكل جميل عشناه وحلم نتمناه. نستقبل اليوم عامنا الجديد 2019م, بخلع حلة العام السابق الرثة و نلبسه حلة جديدة مزخرفة بالحب والتسامح والوفاق والاتفاق، بالتعايش والتنوع، بألواننا الزاهية وأفكارنا النيرة البهية، بثقافتنا المدنية وإحساسنا الجميل الرافض للعنف والصراعات والمناكفة والشتم والتعزير، بغيرتنا على الوطن والأمة، لنعيش كسائر البشر في المعمورة لنكون جديرين بالحياة لا مثيري للشفقة. هل ممكن أن نجعل 2019م عاماً يوحدنا، ويلم شتاتنا، ويمد جسور الثقة بيننا، ويهد كل جدار بناه المغرضون ليفصل بيننا، ويرمم كل الشروخ الوطنية والإنسانية التي أصابتنا، كل نتائج السيئة للحشد والتحريض ضد بعضنا البعض، ليكون الوطن هو وجهتنا الأولى في الاهتمامات والاختيارات، ونضع صوب أعيننا القيم والمبادئ الوطنية والانسانية، لننشد معا الدولة الضامنة للمواطنة، نصطف حولها، نؤسس أركانها، بأسس وطنية، نرفع من شأن القانون ليعيد لنا النظام، نظاماً يضبط إيقاع الحياة وقانوناً ينظم العلاقات، ويحدد الحقوق والواجبات، كسوط على كل رأس الكبير قبل الصغير، من يضع نفسه فوق الكل يلسعه ذلك السوط ليريه الحق من الباطل، سوط بقوة رجال أمن وطني صرف، وجيش وطني محض، لتذوب كل التشكيلات والمليشيات والحراسات، ليضبط كل منفلت من طقم وعسكر وأمير وقائد، أبو زعطان ومعطان، لنرى الدولة بمؤسساتها ورجالها تقود مسيرة الحياة، لنصل لصندوق انتخابات حرة ونزيهة يلبي قناعاتنا وأمالنا وطموحاتنا. هذا الحلم يمكن أن يكون حقيقة متى ما توفرت النوايا، وأخلصنا لقيمنا ومبادئنا، وكنا أناساً متفائلين واثقين مستقيمين، غير مرعوبين ولا خائفين ولا متربصين لبعضنا البعض، تقتلنا الشكوك والتوجس ونظل نراقب بعضنا ونتهم بعضنا ونخوّن بعضنا بعض، وننتهك حرمة هذا الوطن بانتهاك كرامة الإنسان فيه، حيث تتحول النقاط العسكرية من حامٍ لمهين، ومن محافظ لمنتهك، ولتكون مصدر رعب للمواطن، وما أسوأ أن يهان الإنسان في أرضه، أو يطارده الرعب في الشارع العام، لنعيد النظر بخطابنا وقراراتنا الغير سوية، لا نترك لنشوة القوة أن تأخذنا، لفرض أمر واقع سماته التسلط والقهر والطغيان من بني جلدتنا، ممن لا يشكمهم لا قانون ولا شرع ولا عرف. هل ندرك أن العنف يولد عنفاً أشد منه، وأن الاحترام يولد احتراماً أفضل منه، ما تقدمه للناس تلقاه، قدم نفسك مستبداً ستجد من يقف في وجهك ويرفض عنجهيتك من الأحرار، قدم نفسك إنساناً ستجد من يكن لك الاحترام ويقدّم تعظيم سلام. ليكن عام 2019م مميزاً بوحدة الهدف والمصير، لننتصر لذاتنا، ونهزم الانقلاب على شرعية كادت أن تنهي تسوية وتحوّل نحو مستقبل يضمن للجميع حياة وكرامة ومساواة وحرية، عام فيه نرى عدن عاصمة للسلطة ومقراً للحكومة لتستقيم الدولة وبرنامجها مخرجات الحوار، لنصل لصندوق انتخاب يجعل من الشعب مصدراً للسلطات والحسم في الخلافات باستفتاء أو انتخابات شريفة ونزيهة تقرر مصير الوطن ومستقبله وشكل الدولة وجوهرها.
أحمد ناصر حميدان
عام 2019م يجمعنا 1245