لقاء الأخ رئيس الجمهورية بأعضاء مجلس النواب، لقاء له دلالته، وستكون له دلالته الأكبر، ورسالته الأبلغ حين يستأنف جلساته الرسمية. فما الذي يريده المواطن والوطن من مجلس النواب في هذا الظرف الاستثنائي الصعب؟ لا يقف دوره اليوم عند مجرد استئناف جلساته؛ ليثبت حضوره ووجوده فحسب، ولا ينبغي أن يمضي في أدائه بنَفَس البرمجة السابقة أغلبية تدافع عن حكومة مهما كانت أخطاؤها وإخفاقاتها، ومعارضة همها كيف تحد من غلو الحكومة وخطأ أدائها. كما لا ينبغي أن يأتي أعضاء المجلس وهم مشدودون إلى مواقف وأفعال مضت وبروح كان ينبغي، وكان يفترض، ولو أنه كان كذا لكان كذا.. فهذا أنين الثكلى، وتحسر من يضيّع فرص’: وعاجز الرأي مضياع لفرصته حتى إذا فات أمر عاتب القدرا مجلس النواب اليوم مهمته الأهم أن يتبنى طموحات شعب وأهداف وطن، فيمضي بأثر امتداده الشعبي، وثقله السياسي والجماهيري للعمل على استعادة الدولة المختطفة لدى عصابات كهنوتية متمردة. المطلوب اليوم أن تمضي السلطات الثلاث جنباً إلى جنب نحو استعادة الدولة مادياً ومعنوياً، مؤسسات ومحافظات، أرضاً وإنسانا، وأن تسخر كل الجهود والطاقات لإنهاء التمرد الكهنوتي، وهزيمة المشروع الظلامي للحوثي. من المهم أن يكون أداء مجلس النواب مترجما لآمال الشعب وطموحه في الحرية، وتحقيق السيادة الوطنية في ظل نظام جمهوري، وخيار ديمقراطي لبناء يمن اتحادي. إن أخوف ما يخيف أن يعود المجلس للانعقاد بدون رؤية واضحة ولا همة وطنية ثورية، تسقط مشروع الكهنوت وتؤسس لبناء يمن ديمقراطي حر، فيكون بذلك مثل الإعلان عن أن عدن العاصمة المؤقتة للدولة، ثم حيل بينها وبين القيام بمهامها، التي لو أنها وجدت من يمكنها من ذلك لمثلت نقطة الضوء التي تشرق فتنتشر بالنور لتغطي أنحاء الوطن اليمني كله. لقد كانت فرصة آنية وتاريخية، كما كانت فرصة محلية ووطنية لعدن في أن تقود مسيرة الوطن؛ فرصة آنية لتقوم عدن بترميم جراحاتها الحاضرة اليوم، وفرصة تاريخية لتنهض بدورها التنموي والحضاري مستعيدة أدوارها التاريخية المعروفة، وفرصة محلية لتزدهر كمدينة كانت موئل النشاط التجاري والاقتصادي يوم كانت مستقر الاستثمار والشركات ورجال الأعمال، وفرصة وطنية تقود كعاصمة مسيرة البلد إدارة وتحريرا. لقد وقفت عدن بعد تحريرها السريع أمام فرص تاريخية لا تعوض، لكن حيل بينها وبين أن تمسك بالزمام، وكان ينبغي لقاطنيها ومحبيها أن يهتبلوا الفرصة التاريخية وألا يكون (بعضهم) عاملا من عوامل إعاقة أن تستلم دورها وتنهض بمسؤولياتها. فعسى لمجلس النواب حين يستأنف جلساته - إن شاء الله - وألا يحال بينه وبين القيام بدوره المأمول. وحبذا لو أن العاصمة المؤقتة تُمكّن في أداء مهامها، وأن يستأنف مجلس النواب جلساته، فتلك قوة أيما قوة للشرعية، وستكون قوة فاعلة باقتدار.
أحمد عبدالملك المقرمي
ثنائي قوة الشرعية عدن ومجلس النواب 1050