في اللقاء السنوي حول الأوضاع السياسية والأمنية في الخليج العربي الذي استضافته السفارة الكويتية في لندن- مساء الاثنين 10ديسمبر 2018- وشارك فيه الكثير من الكتاب والسياسيين البريطانيين وغيرهم من المهتمين بشأن الإقليم. كانت القضية اليمنية إحدى الموضوعات التي تناولها الاجتماع، حيث تم تقديم عرض للقضية من قبلنا منذ نشأتها وعلاقتها برفض الحوثيين ومن ورائهم إيران ،إقامة دولة المواطنة التي تضمن صيانة حقوق كل اليمنيين على قاعدة المساواة أمام القانون كما أقرها مؤتمر الحوار الوطني، وانقلابهم على ذلك التوافق الوطني بقوة السلاح. جذر المشكلة: أعيد إلى الأذهان التذكير بجذر المشكلة التي يحاول البعض تجاوزها، أو تخطيها، بالتركيز على النتائج كما تعكسها الوقائع المستجدة ومنها القضايا الانسانية. وتم التأكيد على أهمية القضايا الانسانية، لكنه لا يجوز أن توظف لتمرير الانقلاب على الدولة وعلى التوافق السياسي، وأن على الاستراتيجيين الغربيين أن يستوعبوا حقيقة الصراع في اليمن، لأنه على غير السياسيين الذين يقفزون فوق قضايا المنطقة بتحليلات تتجاهل حاجة بلداننا إلى بناء دولة المواطنة التي لم يستقر الغرب إلا بها بعد حروب امتدت لقرون. تاريخ الغرب المثقل بهم الدولة الوطنية ونظام المواطنة يتكرر اليوم في بلداننا، ومن الأهمية، لمعرفة جوهر المشكلة، الاعتراف بحق مجتمعاتنا وشعوبنا في أن تخوض نضالها المشروع من أجل هذا الهدف. لا نريد من أصدقائنا سوى الاقتراب من حاجة شعوبنا إلى مثل هذه الدولة التي تحقق المساواة، والتي ناضلوا هم أنفسهم من أجلها، وكانت سبباً في استقرارهم وفي تقدمهم الاقتصادي والعلمي والاجتماعي. - تجذير المشكلات في بنية أيديولوجية دينية يعقد الحل سياسياً : الذين يستصغرون نضالات شعوبنا من أجل قضية كبيرة بهذا المستوى لن يسهموا في حل هذه المعضلة التي يتوقف عليها إنهاء الحروب والذهاب إلى المستقبل بمشاريع تحقق السلام والاستقرار والتنمية. اليمن نموذج لهذا الصراع بين مشروع دولة المواطنة والقانون ومعه السلام والاستقرار والمساواة من ناحية، والمشروع الانقسامي الطائفي الذي يشكل امتدادا للمشروع الإيراني في المنطقة من ناحية أخرى. لا يجب أن يؤخذ الحديث عن المشروع الإيراني وكأنه، أي هذا المشروع، مفرغ من إنتاج تفاعلات جوهرية تبعث على صراعات دامية بسبب التوظيف غير المسئول لتاريخ كتب في معظمه بصورة خاطئة عن قصد. والهدف منه تجذير الصراع في بنية أيديولوجية دينية يصعب تجاوزها سياسياً. وهنا مكمن المشكلة. الذين انقلبوا على التوافق الوطني لبناء دولة المواطنة في اليمن يعتقدون أنهم أحق بالحكم لأسباب دينية يحددها ميراث يقوم على النسب والعرق والدم. وهذا المنحى في استثارة هذه العنصرية المقيتة في المنطقة، ومنها اليمن، جاء برافعة التغيرات السياسية الإيرانية عام 1979، ومعها اشتعلت المنطقة بالمشروع الطائفي الانقسامي. - علاقة اليمن بدول الخليج : وفي جانب آخر تطرقت المداخلة الى التجربة التاريخية في علاقة دول الخليج باليمن وهي العلاقة التي لم تنظر إلى اليمن إلا من خلال حاجتها للمعونة الاقتصادية، في حين تركت اليمن خارج منظومة السياسة الإستراتيجية للإقليم بحسابات أثبت الزمن وأثبتت الأحداث أنها كانت خاطئة من قبل الطرفين، وتركت فراغات لاستقطابات أضرت بالجميع. - مباحثات السويد : وحول مباحثات السلام في السويد أكدت المداخلة على أن الحكومة عملت وتعمل بجدية على إنهاء الحرب والعودة إلى العملية السلمية التي انقلب عليها الحوثيون وذلك بالاستناد إلى المرجعيات الوطنية والإقليمية والدولية التي تؤسس لسلام حقيقي ودائم. وفي هذا الإطار تعمل الحكومة على دعم وإسناد جهود المبعوث الدولي مارتن جريفتس من منطلق أنها وحلفاؤها لا تبحث عن نصر عسكري، كما أشار البعض، بقدر ما يهمها أن يتخلى الانقلابيون عما أقدموا عليه من حماقة قادت الى هذه الكارثة. خاتمة: وانتهت المداخلة إلى أهمية إقامة علاقة بناءة مع اليمن تشكل بدورها ضمانة لتفويت الفرصة على أي محاولة لاختراق أمن المنطقة باستقطابات تضر بمصالح الجميع، ولا بد من الإشارة إلى أنه آن الأوان لتصحيح هذه العلاقة التي أثبتت الوقائع والأحداث أنها على قدر كبير من الأهمية الإستراتيجية. * نقلا من صفحة الكاتب على الفيسبوك
د.ياسين سعيد نعمان
اليمن في منظومة أمن الخليج 1354