خبر توقف مؤسسة "الشموع" وصحيفة "أخبار اليوم" عن الصدور نهاية هذا العام أزعجنا نحن ككتاب في هذه الصحيفة التي وجدنا فيها متنفسنا الحر لنضع رؤانا وتحليلاتنا، لندافع عن الدولة الضامنة للمواطنة والحريات والعدالة. لم تكن لي ولغيري صحيفة "أخبار اليوم" غير نافذة رأي حرة، في ظل وضع صعب حال دون استمرار إصدار كثير من صحف الرأي والرأي الآخر، التي كانت الساحة اليمنية تكتظ بها، ويكتب فيها اللبرالي والإسلامي، يساري ويمني، ساحة صحية لطرح الآراء والتحليلات ليستطيع القارئ أن يستشف منها الحقيقة، ومن حق القارئ أن يجد كل الآراء أمامه متاحة بكل توجهاتهم وأفكارهم، ليستنبط حقيقة الأمر منها. حرية الصحافة هو حق وضمانة تقدمها الشرعية وحكومتها لحرية التعبير وتلك الحرية مكفولة قانونيا ودستوريا، حق الحصول على المعلومة والحقيقة من بث الأخبار والتقارير في المواقع الإلكترونية والصحف المطبوعة. نعيش اليوم واقع الحرب، في مشهد مريض يرفض الرأي الآخر، تسوده العصبية والعنف، ولا تكتفي كائنات العصبية في المناطق المحررة برسم قوانينها على ما هو صادر من صحافة وإنتاج ثقافي، بل تكمن خطورتها في سعيها الدءوب لوضع المثقف والصحفي والصحيفة نفسه تحت سيطرتها، وهذا ما يحدث اليوم، ولهذا تحارب صحيفة "أخبار اليوم"، بنفس التهم التي تروّج لها كائنات العصبية، ليس لصحيفة "أخبار اليوم" فقط بل لكل من يتصدى للعصبية المقيتة، من مثقف وأديب وصحفي وصحافة. لا لوم على العصبية والمتعصبين فهذه هي سماتهم، هم طفيليات ضارة تحقن المشهد والمجتمع بأمراض قاتلة تقتل الحرية والعدالة والمساواة، لتتيح المجال للعصبية أن تفرض واقعها البائس على الناس، تجر الضعفاء إلى صفوفها، ويتصدى لها أقوياء القيم والمبادئ، اللوم على الشرعية والحكومة، والمشروع الذي تحمله بالدولة الضامنة للمواطنة ومخرجات الحوار الوطني، الذي يجعلها أمام مسئولية كبيرة في ترسيخ مبدأ الديمقراطية والحريات العامة ومنها حرية الصحافة، هذه المسئولية ليست شعاراً يرفع، بل هي أعمال يفترض أن تنفذ على الأرض لتلبي تطلعات الناس كشرعية ومشروع وقيمة ومبدأ. الشرعية وحكومتها ومؤسساتها هي المسئولة مسؤولية عن القيم والمبادئ التي تعلن عنها كمشروع، هي الضمانة للمواطنة والحريات، هي المسئولة عن التصدي للخروقات وتصحيح الخلل الذي يشوب مسار التحول، إن تواطأت أو سكتت عن هكذا خروقات تسقط تلقائياً على الواقع، لان الناس تريد من يلبي تطلعاتها. وشرعيتنا للأسف بشخصيات تمثلها تسقط حين تتواطأ مع انتهاكات تضر بقيمها ومبادئها ومشروعها، و وضعتنا نحن والصحف التي نكتب بها والمدافعين عن الدولة الاتحادية الضامنة للمواطنة والحريات في موضع حرج، أكثر مرة نذكر منها، السجون السرية والتي قال وزير الداخلية إنها تخضع للشرعية، وتحملت الشرعية كل ما حدث ويحدث من انتهاكات فيها، وجريمة إحراق المتطرفين لمؤسسة "الشموع" وصحيفة "أخبار اليوم"، والصمت المعيب للشرعية، التي لم تحرك ضميرها في بيان استنكار وموقف مسؤول ينصف المؤسسة، التي كانت ولازالت الصوت المدافع عن مشروع هذه الشرعية والدولة الاتحادية الضامنة للمواطنة والحريات، والجريمة واضحة بالدلائل والصورة والصوت للمجرم الحقيقي، وكثيراً ما سكتت الشرعية لتسيء لنفسها وتعمل ضد مصالحها. اليوم ستغلق مؤسسة "الشموع" وصحيفة "أخبار اليوم" كنافذة مهمة من نوافذ حرية الرأي المدافعة عن الدولة الاتحادية الضامنة للمواطنة ومخرجات الحوار الوطني، بسبب الإمكانيات، والشرعية غير مهتمة وتنتحر حرية حينما تتخلى عن الصحف والصحفيين المدافعين عن مشروعها، ماذا يعني ذلك؟! سؤال على الشرعية أن تبحثه وترد علية ليفهم الناس ماذا تريد الشرعية؟ وما هو مشروعها؟ ولماذا السكوت على ذلك؟ الناس اليوم تشعر أن تطلعاتها تنهار، في ظل خذلان الشرعية.
أحمد ناصر حميدان
صمت الشرعية ينحر الحرية 1249