قبيل نهاية الشهر الجاري.. سنغادر محافظة مأرب كمؤسسة إعلامية رائدة في العمل الصحفي على مدى ٢٣ عاماً من العطاء وخدمة الوطن انطلاقاً من محاربة الفساد وحتى الوقوف بقوة القلم والكلمة أمام مشاريع التوريث والإمامة المتمثّلة في جماعة التمرد الحوثي منذ وقت مبكّر.. أجبرنا الحوثيون على مغادرة صنعاء بعد استيلائهم بالقوة المسلحة على مقر المؤسسة الرئيسي ومطابعها ومخازنها وجميع ممتلكات مؤسسة "الشموع" بالعاصمة صنعاء واحتلال مبانيها منذ ما يقارب خمس سنوات وحتى اليوم، وكانت الخسارة فادحةً.. وفِي عدن- ورغم خطورة الأوضاع- استأنفت المؤسسة نشاطها بشكل كامل بعد انتقالها من صنعاء وتعرضت- خلال ثلاث سنوات- لكل أشكال الانتهاكات والاعتداءات والترهيب والإرهاب والتي كان آخرها إحراق مكتب ومطابع المؤسسة في عدن بتاريخ ١مارس من العام الجاري، تكبدت المؤسسة خلاله خسائر فادحة وهو ما أجبرنا بعدها على مغادرة عدن تحت التهديد بقوة السلاح. في صنعاء وفِي عدن رفضنا كل أشكال المساومات، حين عرض علينا تغيير سياسة ونهج المؤسسة وخطابها الإعلامي الداعم لثورات الشعب وشرعيته الدستورية، غير أننا مؤمنون بعقيدةً لا تلين أن الوطن والحريّة لا يوازيها أَي ثمن مادي، ودفعنا في المؤسسة ثمن تلك المواقف السطو على ممتلكاتها في صنعاء، وفِي عدن نهب وإحراق من نوع آخر أمام أعين الجميع.. اليوم نغادر محافظة مأرب بعد معاودة المؤسسة لنشاطها الصحفي من خلال إصدار صحيفة أخبار اليوم اليومية، وهو الحدث الذي لقي حينها ترحيباً غير مسبوق من قبل العديد من المؤسسات الدولية ومثل هذا الحدث كان يمثل إضافةً مشرقةً لمآرب الحضارة، ومدنيتها. اليوم نغادر مأرب ليس تحت تهديد قوة السلاح، نغادرها بعد أن انعدمت لدينا مقومات الاستمرار في العمل، وخذلتنا الشرعية رئاسةً وحكومة.. إن الإصرار الذي نمتلكه على تجاوز كل المحن كان وراء استمرار مسيرتنا الإعلامية، كان بإمكانياتنا الذاتية والخاصة في المؤسسة.. عدنا للعمل انطلاقاً من مأرب في وقت قياسي، ومثل هذا عملاً جبار لا يستهان به، ونجاح سيخلده التاريخ لنا كمؤسسة أيضاً كان بإمكانياتنا الذاتية وأن ما قدم لنا من عون مقارنة بحجم التكاليف الباهظة والخسائر الفادحة لا يساوي شيئاً.. غير أننا لا نملك إلا شكر كل من مد يد العون.. "الشموع" المؤسسة اليوم وهي تشارف على الانطفاء بعد ٢٣ عاماً من العطاء والعمل الصحفي المتميز صدر عنها أربع صحف ومجلة.. هي" صحيفة أخبار اليوم اليومية، وصحيفة يمن فوكس كأول صحيفة يومية باللغة الانجليزية، وكذلك صحيفة يمن فوكس النسخة العربية، إضافة إلى مجلة أضواء الشموع الأسبوعية". بعد هذا العطاء ها هي مؤسسة الشموع تترقب من انطفاء وهجها الإعلامي، والألم يعتصر القلب، ولا يريد العقل تصديق ذلك.. ناضلنا من أجل وطننا ومن أجل ترسيخ دولة القانون، وإفشال مشاريع التوريث وعودة الإمامة وكل المشاريع التفتيتية الصغيرة أكانت طائفية أو مناطقية، حاربنا الفساد والجماعات المسلحة بكل أشكالها، تمسكنا ومازلنا وسنظل بشرعيتنا الدستورية، وعملنا على تجسيد وجود الدولة في ذهن المواطن رغم محبطات الواقع المرير.. وهاهي اليوم الشرعية تخسر المؤسسة الإعلامية الوحيدة التي تمكنت من خوض معركة إسقاط الانقلاب منذ ساعاته الأولى وحتى اليوم، داعمين تضحيات جيشنا الوطني العظيم والمقاومة الباسل. في الأخير نأمل من الأخ الرئيس ونائبه ورئيس الحكومة، التدخل لإنقاذ المؤسسة من التوقف، باعتبارهم المسئولين عما وصلنا إليه لعدم قيامهم بصرف حقوق المؤسسة في التعويض العادل جراء إحراق ونهب المؤسسة في عدن، وكذلك رفضهم لتنفيذ حكم قضائي بات ونافذ يلزم الحكومة بدفع تعويض للمؤسسة أسوة بمؤسسة الأيام التي منحت مبلغ ٣ ملايين دولار كتعويض لأضرار تعرضت لها. ختاماً ندعو الله أن يمن علينا بالنصر العاجل وأن يزيل من على صدر اليمن غمة الانقلاب
سيف محمد الحاضري
وداعاً مأرب 1386