;
همدان الحقب
همدان الحقب

النزوح بركان القلب ومطر العينين 905

2018-11-26 04:10:27

دعونا هذه المرة نستشعر النزوح عن قرب ونكشف الستار الحاجب لكثير من تفاصيله المرة. دعونا نراه في قلب طفل مذعور ووجه فلاح شاحب وحيرة فتاة لم تكمل بعد أحلام وخيالات عنفوان شبابها. إن للحرب أوجها بشعة، تشبه إلى حد كبير وجهها المخضب بالقتل ونزيف الدم الحار والإخفاء القسري وتعذيب المعتقلين وتجويعهم حد الموت.. كيف يمكن أن تُفْهِمُ طفلاً خائفاً ومصدوماً، عمّا وراء هذا الجنون لآلة الحرب والجريمة المنفلتة، المتجاوزة لما لا يخطر حتى على بال الشيطان؟!!. وأنت تنظر في أعينهم، وصدى صراخهم يتردد في قلبك، محاولاً تحطيم ما تبقى فيه من قوة تساعده على سماع أصوات أنين تلك القلوب. وأنت تقرأ في ملامحهم حروف من ألم التشرد والحنين انتصرت وبدت واضحة جلية على حروف الأمل، التي لطالما كانت زاهية متلألئة في كل مقلة.. وأنت تحاول أن تتكلم وتفتح فمك، ولو حتى بكلمة (مرحبا)، يهجم عليك صمتهم ويمنعك من التحدث بكلام يهدئ صدى دوي قذائف الهاون في آذانهم. وأنا أحاول أن أكتب عن تلك الوجوه وملامحها، أجد أن عزة نفوسها تمنع حروفي وتحاول تقييدها وإبقائها سجينة في فؤاد يحرقه لهيب واقعها المؤلم. سأنتصر وأصب كامل الوجع والألم مع هذا الحبر وعلى هذه الورقة. "نازح"؛ اسم يغيظني ويستفزني، وأنا الذي لم أكن أتوقع أن أكون هو يوماً من الأيام. وكذلك هو حال ابن أختي، الطفل الصغير الذي يجهش بالبكاء حين ينادونه بـ"نازح". وكذلك هو حال طالب الإعدادية الذي رفض دخول المدرسة القريبة لإكمال دراسته وللسبب نفسه (نازح). فـ"نازح"؛ هو لفظ يختصر معنى التشرد والشتات المصطحب بوجع الحنين والاشتياق للأرض والدار؛ هو سوط الاكتئاب الذي يجلد حلم شاب جامعي فقد دراسته بسبب موقفه؛ هو شبح الأرق الذي أصاب شيخا كبيرا أعتاد على النوم في غرفته لستين عاماً؛ هو دمعة شوق سقطت من عين امرأة لمعانقة ابنها المختطف والمجهول مصيره. وهو شعور الضياع لكهلٍ خسر كلا ماضيه ومستقبله في حاضره الذي مازال يبحث عنه ولم يجده؛ هو ألم الصمت لطفلة اعتادت على الصراخ بحرية وهي تلعب لعبتها المفضلة؛ هو شعور الذل في ولد يافع مراهق كان يرى أنه الأقوى والأشجع؛ هو القيد الذي يكبل ذلك الشاب الذي يرى أحلامه تتحطم أمام عينيه؛ هو شرود الذهن في سيدة تتجول في زوايا بيتها الممتلئ بمتطلبات الحياة وأصبح مفرغا وخاليا إلا من صدى صوت رصاصة أطلقها قناص وأعادها إلى واقعها المرير؛... النزوح؛ هو تلاطم أمواج الأفكار، وبركان القلب، ومطر العينين. وبالمقابل أيضا، النزوح يكَّون إعصاراً يخلق سحب تمطر وابلاً من الغضب على عصابة اعتادت تهجير الناس وتشريدهم وحرمانهم من بيوتهم التي كانت تحميهم برد هذا الشتاء القارس. يشعل فينا نيران شجاعة وإقداما تحرق كل من يقف في طريق عودتنا؛ يزرع فينا حب الوطن ويعمق وحدة ترابه وأرضه؛ يسقي فينا روح التآلف والمحبة والإخاء؛ يكتب كلمة "السلام" للأرض والإنسان، ونلونها بلون الشمس، نكتبها مخلصين صادقين وستشع- ولو بعد حين- بألوان قوس قزح، بعد أن تفتح لنا السماء حضنها لتعانقنا قطرات المطر.. وفوق كل حصوة ورملة، ستقبلنا الأرض على لحن معزوفة نادرة، غريبة، وكأنها مزيج من قهقهة شهيد، وزغرودة أمه، وخفقات قلب جريح رأى حلمه يبتسم له. سيمفونية، مدى روعتها دليل على الكم الهائل من الاجتهاد والجهد الذي بُذل في كتابة نوتاتها. سيمفونية تحمل اسم بحجم جمالها: "التحرير والانتصار للأرض والإنسان"..

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد