لا تحدثني عن التغيير ولازلت أنت غارق في وحل الماضي وخرافاته، تحتاج لوعي يخرجك من هذا الوحل، وينفض عنك غبار الخرافة التي تسكنك وتعيق ارتقاؤك لتواكب متغيرات العصر والمرحلة. أكثر ناس يتحدثون عن الحرية هم رفاقي اليساريون واللبراليون, وأخص منهم المتعصبين لأفكارهم وقناعاتهم، هؤلاء لهم حرية تخصهم ينقصها القبول بحرية الآخرين، حرية تزعجهم عندما تمارس على الواقع، هم أكثر الناس انتقادا وتعليقا عليها. يا رفاق أنتم مدرسة توقفت عند مرحلة معينة ولم تستطع مواصلة مشوار العصر ومواكبة التغيرات التي يفرضها الواقع، الكتابة فكرة ورسالة، وسائلها متعددة ومنها الصحف، هناك صحف حزبية تعبّر عن التوجهات السياسية لأحزابها، وهناك صحف مستقلة. الصحف المستقلة فيها يكتب الجميع، كلٌ يعبر عن فكرته وتوجهه، والكل يعرف أن من شروط الصحف المستقلة الكتابات لا تعبر بالضرورة عن توجهات الصحيفة بل تعبر عن رأي وفكرة أصحابها. ولست ملزماً أن أبرر لرفاقي لماذا أكتب في هذه الصحيفة أو تلك، ولكني مسئول عن ما أكتب. لا أهتم لمصدر تموين الصحيفة، فكثير من الصحف التي تبنت اللبرالية واليسارية، بتموين أنظمة مستبدة، خدمة لأجندات خلط الأوراق كان في الشمال والجنوب، بعضها تتبنى القضية الجنوبية بتموين شمالي، والناس تعرف هذه الحقيقة والتاريخ يصحح أحداثه. كثير لا يقرؤون ولكنهم يحكمون بالشكل، إذا وجدك تقرأ صحيفة على طول يحدد هويتك السياسية، كيف إذا وجد لك مقالاً فيها، و كيف إذا وجد لك عموداً أسبوعياً أو يومياً، يحدد وفق أهوائه المريضة، أو وفق أجندات من يدفع به ليعزز الخصومة ويرسخ الماضي بكل عفنه وقذارته، ليبقي الوطن غارقاً في الوحل. كم هي المعاناة التي تصيبنا من هذا الغباء، والتصنيف المتعصب، حينما تجد ممن كان في حضن الاستبداد او حتى احد رفاقك، يصنفك حزبيا بغير ما أنت عليه، لمجرد انك تكتب في صحيفة لا تروق له. لا أحتاج لأن لأفسر لماذا أكتب هنا ولا أكتب هناك، اقرأ وستعرف ما أحمل من أفكار وتوجهات ورؤى، مسئول عن ما أكتب لا غير، وأي فرصة أجدها كنافذة أتنفس منها سأطل منها معبراً بحرية، اليوم أكثر اليساريين والليبراليين يكتبون في صحف كانت لا تعجبهم ولا تتوافق مع رؤاهم، صارت اليوم متنفسهم الوحيد لأنها فتحت مساحة كبيرة للحرية وصارت نافذة يتنفسون منها.
أحمد ناصر حميدان
سأطل من أي نافذة لأتنفس حرية 1214