;
وديع الأصبحي
وديع الأصبحي

القوى والنخب اليمنية: بين زمنيين 786

2018-10-27 05:30:05

لم تخسر القوى والحركات القومية والثورية المعركة التي خاضتها ضد النظام الإمامي في الشمال والاستعماري السلاطيني في الجنوب، في ستينات القرن الماضي إلا بعد سنوات طويلة. حيث واجهت هذه القوى، بشكل شرس، القوى المضادة للمشروع الوطني لثورتي 26 سبتمبر و14 أكتوبر، وحشدت خلفها شريحة اجتماعية كبيرة، على الرغم من أن الظروف المحلية والإقليمية والدولية لم تكن مساعدة بشكل كبير. حيث كان المجتمع اليمني، حينها، منحاز بشكل تلقائي للقوى التقليدية، بحكم الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي كانت سائدة، إلا أن هذا التيار الوطني استطاع توظيف القوى القبلية والدخول معها في تحالفات، وتنظيم قطاع واسع من المجتمع في إطار قوة كادت أن تحقق أهدافها، لولا الدعم الكبير الذي تلقته القوى المضادة، وخصوصا في الشطر الشمالي اليمني، من الأطراف الإقليمية و الدولية، بالإضافة الى قوتها الذاتية. هذا الأمر يضعنا أمام سؤال مهم: ماذا فعلت القوى والنخب " الوطنية " للمشروع الوطني الذي جاءت به ثورة 11 فبراير 2011، مع العلم أن البيئة التي تعمل فيها أفضل بكثير مما كان عليه الحال في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي؟ قبل الإجابة على هذا السؤال ينبغي التذكير بأن المشروع الوطني لثورة 11 فبراير ولد من رحم تلك النواة الشبابية المتحررة من نظام الاستبداد العائلي وملحقاته السياسية والثقافية والاجتماعية، وليس من رحم البؤر السياسية والاجتماعية والثقافية التي نشأت في ظل العلاقات الزبائنية وترعرت في ثقافة الفساد والاستقالة السياسية والأخلاقية. فلم يكن في اليمن، عندما اندلعت الثورة الشعبية، قوى سياسية واجتماعية قوية ومنظمة، بل أحزاب وتنظيمات هزيلة ومقطوعة عن الواقع والجمهور الشعبي، تفتقر إلى أي مشروع جماعي تشكل مجموعات مصالح خاصة لا تجمع بينها رؤية، ولا توحد عملها أهداف وغايات عامة. فهذه القوى الهزيلة ليست هي التي فجرت الثورة، وما كان لديها الوسائل الفكرية والسياسية التي تسمح لها بأن تقودها، بل أن تقود نفسها. فعندنا نتحدث عن قوى اجتماعية و سياسية منظمة، فنحن نتحدث في الوقت نفسه عن الوعي الذي يميز هذه القوى ويرشدها، كما نتحدث عن مجموعة من الممارسات التي تميزها وتحدد هويتها ومنهج عملها وقدرتها على الحركة والانجاز. لقد أظهرت المرحلة التي أعقبت ثورة فبراير، بالفعل، ان النخب السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية التي كانت تعمل في ميدان الشأن العام، لم تكن مؤهلة لقيادة عملية تحويل ديمقراطي وبناء مؤسسات سياسية وقانونية تقوم على روح المواطنة ومشاركة الجمهور في القرار والتداول السلمي للسلطة واحترام القانون والشرعية ووضع الدولة في خدمة الجمهور لا من أجل السيطرة عليه واستغلاله. والسبب في ذلك ليس الجهل او الغباء او انعدام الخبرة والمعرفة، ولكن لان هذه القوى كانت عبارة عن تكتلات مصالح نخبوية لا يميزها عن غيرها من الأفراد العاديين سوى شرهها المفرط للسلطة والثروة، واستعدادها لاستخدام اي وسيلة لتحقيق غايتها الخاصة، فهي لم تكن معنية بالمشروع الوطني لثورة فبراير، ولم تكن تشعر أنها معنية بمصير الجمهور اليمني الواسع ولا مسؤولة عنه. فهذه القوى النخبوية في نمط تكوينها وإعادة إنتاج نفسها، مرتبطة عضويا بإنتاج الاستبداد، وهي التي حملت مشروع الاستبداد والدكتاتورية التي عمرت طويلا في اليمن، وهي أيضا التي أجهضت المشروع الوطني الكبير لثورة فبراير وساهمت بشكل كبير في إدخال البلد في آتون ودهاليز حرب أهلية متعددة الأطراف والأبعاد معا، يصعب الخروج منها.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد