عدن مصدر اشعاع وتنوير علمي وثقافي ونضالي، المدينة التي راهن عليها الجميع لترسيخ المدنية والتعايش والتسامح والتصالح الاجتماعي والسياسي، بفسيفسائها الجميلة من ثقافات وأفكار وأعراق،عدن التجربة الأولى للديمقراطية والتشريع والبرلمان والنقابات والاحزاب، وستبقى كذلك. وبعد نصف قرن من الثورة المجيدة، تبرز أوجه المؤامرة على عدن كمصدر وقيمة حقيقية لقيم ومبادئ هذه الثورة، مؤامرة تمس الوعي بدرجة أساسية، لتنحط القيم، لتكسير كل شيء يخص الديمقراطية وأدواتها التنموية الأحزاب، وتقبيح هذه الفسيفساء الجميلة لعدن، لتتحول للوحة باهته بلون واحد وفكر واحد وصوت واحد، لا صوت يعلوا عليه، فكان لابد من التجهيل واستهداف التعليم. مؤامرة فضحت بما نشر في صحيفة (بزفيد نيوز ) الامريكية بالصوت والصورة، والاغتيالات والسجون السرية، وشيطنة الاخر وسيناريو تراجيديا الحرب على الارهاب والتجهيل، واستخدام حقوق الناس ومظلوميتهم استخدم سياسي اناني، واستثمار الحماس الغير واعي والتهور والطيش السياسي، مؤامرة كشفت عورة العمالة والارتهان والارتزاق، ليخجل القائمون ويصححون مسارهم السياسي للتاريخ الذي لا يرحم. رغم كل هذه المحاولات، إلا أن عدن لم تستسلم، ولازالت تمتلك القدرة على المقاومة، والدليل تبرهنه عدن، وهي تسمح لكل صوت يعلوا ويملى الدنيا صخب، ليقدم نفسه للناس، إذا قدم خيرا وجد فيها مناصرين وداعمين، وإذا قدم شرا سقط وانهار كلما انعزل عن واقع ومبادئ وقيم عدن . في الحوار الذي دعت له منظمة تجديد للتنمية والديمقراطية برئاسة القاضي فهيم عبدالله محسن، وجدت عدن أمامي تدافع عن حقها في الحياة، وجدت منظمات مجتمع مدني، شباب وشابات في مقتبل العمر، يملئون القاعة حيوية ونشاط و وعي وفكر انساني و وطني جميل ورائع، وجدت روح وطنية عالية، و وجدت من يدافع عن القيم والمبادئ عن الحرية والعدالة والمساواة عن الديمقراطية وأدواتها التنموية، ويرفض استدعاء الماضي وعقلية الإقصاء والتهميش والتكفير والاتهام، وجدت عقولا منفتحة وآراء متنورة، وروح متجددة وحب وتسامح وقبول للأخر، وجدت الديمقراطية بأحلى صورها . و وجدت الطرف الآخر المتعصب، وجدت القليل من العصبية والمناطقية بل العنصرية بأقذر صورها، والنكران للهوية والتمترس خلف الجغرافيا الضيقة،وجدت الجهل المصاب بخيبة امل الماضي والقابع في تابوته العفن، وجدت المحطم من الداخل، الفاقد للوعي والروح ليتجاوز ذلك الماضي والعفن، وجدت القابع في منعطفات صراع التاريخ وتبعته. كانت بادرة طيبة لمنظمة تجديد ورئيسها القاضي فهيم، ملتقى حضاري ثقافي وفكري أكثر مما هو حقوقي، ملتقى تتفوق فيه الروح الوطنية والقومية العربية والإسلامية، ليرى العالم قرية كونية، تتفوق فيها الإنسانية على الأنانية. أنانية في أقبح صورها، تحاول أن تبر اغتيال القيم والمبادئ، وتنحر الأواصر وتشق النسيج الاجتماعي، وتبث سموم الكراهية والأحقاد والضغائن والفرقة والشتات، وجدنا إسفافاً وسقوطاً في التعبير المناطقي السوقي، وجدنا فاسدون بعذر الفساد وفوضويون يرصفون الطريق لفساد أعظم، فساد النفس والعقل والفكر والرؤية، وجود نراه أمامنا ونستطيع ان نعالجه بمواقفنا ورؤانا وأفكارنا. لا يمكن أن تعالج المرض دون أن تواجه المريض وتتفحصه جيدا وتعرف أسباب ودواعي هذا المرض، هنا تأتي أهمية مثل هذا الحوار،حوار تصالحي وتناصحي، قد تجد من يصرخ في وجهك من يسخر مما تقوله، من يتهمك ويكفرك، اتركه يعبر عن ما فيه لتعرفه جيدا، كما قال سقراط تكلم كي أعرفك، الحوار هو تعارف للأفكار والقناعات، هي مواجهة حقيقة للمشكلة. بالحوار ستذهب الايدولوجيا والعصبية، وسيدرك الجميع انهم شركاء في وطن لا يمكن ان يتعافى دون شراكة حقيقية وقبول الاخر وتنوع وفسيفساء جميلة من الأحزاب والأفكار والأعراق، ويتم تجاوز كل العقبات ويتفوق الوطن والمصالح الوطنية والقضايا العام والهم العام، بالحوار فتحت مدارس عدن أبوابها لتنير العقول، وتبني الجيل القادر على أن ينهض بالوطن وعدن.
أحمد ناصر حميدان
الحوار المثمر للأفكار 1287