الأحلام التي لا تدعمها أفعال لتجعل منها واقعاً معاشاً تبقى أوهام. أوهام يسوقها المستبد والطامع ونهمه في السلطة والثروة والأرض، الأرض التي قال عنها غاندي (الأرض تملك كل ما يحتاج إليه الناس، لكنها لا تسع لجشع كل واحد منهم). حزين أن يُخدع الناس في الجنوب التواق للحرية والعدالة والمساواة، والدولة الضامنة للمواطنة، شعب حالم باستعادة هذه الدولة، فسعى بكل أطيافه ليُنشئ مكونا سياسيا يجمع الناس حول أسسه وقيمه ومبادئه، فتعرض للابتزاز والخداع بمكون رهن نفسه لتحالفات صراع إقليمي، لن يخدم الجنوب ولا اليمن. وكل من يجعل منطلقه خداع الناس بوهم القوة متقمصاً شخصية الجلاد الذي يخنق المدنية والحرية والديمقراطية في وجدان الأمة، ويقبح فسيفساء المجتمع، ويتخلص من المختلف عنه ومعه،غالبا ما يكون قد باع مبادئه، أذا افترضنا أن له مبادئ أصلا، ولو كان له مبادئ ثابتة لما قبل أن يكون أداة تحت خدمة الطامعين بوطنه، منفذ لأجنداتهم ومؤامراتهم، ومثل هكذا ينفضح، وسرعان ما انفضح عندما تسلطت عليه أضواء الحقيقية. حاولنا مرارا وتكرارا أن نوجه النصح، ونشير لمكامن الخلل لكن الذي لا يسمع، أو لا يريد أن يسمع، ويرى أنه أشطر وأفهم وأذكى، لابد أن تكون نهاية مخزية، وفضائحه كارثة تحل على الوطن ثم علية . ابو مشعل الكازمي- نائب مدير الأمن في عدن- والاستقبال الحاشد والشعبية التي هزت كثيرا من مكونات الوهم، ليس لشخصه ولكن لاعتداله وتعقله، وخطابة الوطني الذي يعمد على توحيد الناس، ويحثهم على التسامح والتصالح، وقبول الآخر، والحرية والديمقراطية كثقافة، رجل دولة ومؤسسه أمنية ملتزم للدولة بقانونها ونظامها، الفخر الذي شعر به الناس عندما قرر شخصيا قيادة الحملة ضد الخارجين عن القانون وحتى وإن كان أفرادها فيهم من أسرته، بينما البعض، يلبس الميري، ويتصرف سلوكيات وأعمال العصابات، وحاميها حراميها، إنها الأعمال التي تعبر عن حقيقية النوايا والأهداف والأفراد والمكونات . كم جريمة وقعت في عدن والمناطق المجاورة وآخرها الضالع ومقتل الشهيد الصحفي السقلدي، الكل يدين ويشجب، وفينا من يصمت ويتغاضى، وكأنه يعبر عن ارتياحه لما يحدث، وقد قال عنهم ناطقهم بصريح العبارة، إنهم يطهرون الأرض من الإرهاب وحددها بمكون سياسي وجمعيات خيرية وأئمة مساجد، باعتراف ضمني لارتكاب جريمة الإعدام والتصفية خارج القانون . اليوم الناس تعرف حقيقة ما يدور، وتصطف مع الحق، ويزداد الحشد الجماهيري لصالح الحق بوعي المعاناة، بينما تسقط ورق التوت على الباطل إن الباطل كان زهوقا، ترفض العنصرية والأحقاد والضغائن، والانتقام، ترفض مداهمة مساكن الناس الآمنين دون مصوغ قانوني ولا إنساني، ترفض الحكم والتصرف خارج إطار النظام والقوانين النافذة، وإنها لنهاية حتمية للمتكبرين والمتسلطين، وقوى العنف التي تريد الحسم بالسلاح والكلاشنكوف، الذي لا نفع المستبد الباغي منذ الاستقلال حتى سلطة عفاش وسقطوا جميعا سقوط الخزي والعار في لحظة وعي وإصرار وعزيمة شعب انتفض .
أحمد ناصر حميدان
عندما ينتفض الشعب 1258