الصورة التي لازالت في مخيلتي عن ذلك الكهنوت الحوثي الذي قدم نفسه كقائد للثورة , يصرخ من على شاشة التلفاز ليهدد ويتوعد الظالمين والمستكبرين والفاسدين , صورة وهمية حلقت في فضاء الخيال الخادع , كحاوي يلعب بالبيضة والحجر بقدرته على الخداع البصري , صورة حملت برنامجها المسموم بالطائفية والتمايز , بين سيد ورعية , وقناديل وزنابيل ,والاصطفاء اللاهي على ظهور قطيع الجهل والتخلف والامية , صورة صدمتنا حينها عندما وجدنا المثقفين والاكاديميين وبعض من اصحاب الفكر التحرري اللبرالي وهم يصفقون ويراهنون على ذلك الكهنوت وهو يخطب من داخل كهف التخلف والجهل والإمامة , ساهموا في تزلفهم ببعثرة الحقيقية , ليكون الغموض سيد الموقف , فيصفق الجميع لهذا الثور الهائج عنفا و وحشية . وبعد ان تمكن و سيطر على مقدرات الدولة العسكرية والمدنية , السلطة والثروة , وهدد وتوعد الجميع , لم تكن خطوته الاولى استتباب الوضع , والمصالحة مع القوى السياسية , ليقدم نفسه كبديل مقبول , لكنه توجه مباشرة ليهدد المنطقة والاقليم , ويعلن انه مشروع ايراني بحث , بأسطول جوي ودعم ليكون نقطة تهديد لحرب اقليمية , وكان التحالف العربي , الذي لم نكن نريده جميعا , ولكن الكهنوت فرضه على الجميع . وكل يوم يزداد توحشا وضراوة , حتى جعل ممن ساندوه ضحاياه , وبعضهم لا يفهم الا بعد ان يصيبه الضرر , كنت اتابع صراخهم من فترة , صراخ ذلك المظلوم والمرعوب من بطش الظالم والقهر والتعسف , ولكنه امام الة تسحق كل من يعارضها , الة بشرية فقدت القيم والاخلاق والمبادئ , تتوحش امام تهديد مشروعها الطائفي بإدراكها انه مرفوض شعبيا . وكل من يجعل منطلقة خداع الناس بوهم القوة متقمصا شخصية الجلاد الذي يخنق المدنية والحرية والثورة في وجدان الامه , ويقبح فسيفساء المجتمع , ويتخلص من المختلف عنه ومعه ,غالبا ما يكون قد باع مبادئه , اذا افترضنا ان له مبادئ اصلا , المبادئ لا تحتاج للعنف ليحميها , هي محمية كقيمه وروح انسانية . لقد حاول هذا الثوري المزيف خداع الناس و وان استطاع خداع بعضهم , فلم يستطيع خداع الكل , وان استطاع ان يخدعهم بعض الوقت , فلم يستطيع خداعهم كل الوقت , ها هو ينفضح , و سرعان ما انفضح عندما تسلطت عليه أضواء الحقيقية , واذا به أوهن الصور المقتبسة و اضعف من بيت العنكبوتية . للحق قوة كامنة في حججه , لا يحتاج لعنف ولا مليشيات ,ما يميز الحق انه كاشف لمعدن الانسان , الكثير يدعون الحق وينكشف زور ادعائهم , حيث أن الحق التزام وليس للاستخدام , الحامل المدلس للحق يصعب عليه الالتزام بقيمه , فينهار في أول امتحان . اليوم الحوثي مرعوب , وهو ينهار في الجبهات من رجالا صدقوا ما عاهدوا الله علية هو الحق واستعادة الارض والدولة والشرعية من نجس الكهنوت , مرعوب من الكلمة وصوت الحق , من الجياع وهي تصرخ جوعا والم وقهر , من النساء والاطفال والعجزة . رعب اسقطه في وحل من الانتهاكات , وليست أي انتهاكات , لم يعد لدية شرف ولا اخلاق , ولا قبيلة تشكمه ولا شرع وقانون يحكمه , عندما يهين النساء ويتمادى في الدوس على كرامة الناس , ويمنعهم من التعبير الصادق عن معاناتهم , اليوم سقط سقوط الجبناء والرذالة والخسة , وكل مواصفات العار , سقط في مزبلة التاريخ الذي سيضيف عاره لعار أسلافه من الإمامة ليوكد انها كهنوت . هذه فرصة سانحة ليستعيد الوطن حريته , اين الشرعية لدعم الشرفاء والمناضلين , والانتفاضات في المناطق الخاضعة للكهنوت , اين هي من كل ما يحدث من انتهاكات , في الارضي التي تحت سيطرة الحوثي والاراضي المحررة , اليوم التاريخ يدون مواقف مشرفة , ومواقف غير مشرفة , وكلا يضع نفسه في الموضع المناسب لمواقفة واختياراته , والتاريخ لا يرحم .
أحمد ناصر حميدان
انهيار الكهنوت 1141