لم يعد من الصواب أبدا اطلاق مسمّيات ومصطلحات كمليشيات أو عصابات أو قُطّاع طرق أو مرتزقة أو إماميين أوسفلة أومنحطّين، أورجعيين على الحوثيين. والأدهى من ذلك انه لم يعد حتى من الممكن تسميتهم بالدواعش نظرا للفارق الواضح والكبير بين قدرات وامكانيات الطرفين سواء فيما يخص ممارسات الإرهاب والقتل والعدائية والتفنن والإبداع في ذلك، أو فيما يخص الامكانيات المادية والعسكرية وأشكال الدعم الذي تحظى به داعش من جهة والحوثيين من جهة ثانية..فالحوثية مثلا سيطرت على مقدرات دولة بمؤسساتها وجيشها وسلاحها ومالها ومصادرها الإيرادية ومواطنيها الذين يزيد عدد من هم تحت نارها وحديدها عن عشرين مليون إنسانا.بينما داعش صحيح أنها سيطرت على محافظات ومدن معينة ومتناثرة هنا وهناك أبرزها الموصل في العراق والرقة في سوريا، لكنها حُرِبت من قِبل أميركا والعالم بينما ( الحوثية) تدعمها وتتواطى معها بصورة مباشرة وغير مباشرة أميركا والكثير من اللوبيات والأنظمة الغربية ناهيك عن دعم إيران التي تُعتبر هذه الجماعة من خليقتها. في ظنّي وحسب متابعتي للحوثية منذُ النشأة وحتى اليوم أستطيع القول وبكل ما تعنيه الكلمة من معنى، إن الحوثية/ الإيرانية تخطّت داعش فكرة وسلوكا وجريمة. وتخطت الدولة الإسلامية بطشا وبشاعة وتنكيلا. وتخطت صرب البوسنة قتلا وتروعيا وإبادة للحياة. وتخطّت النازية تقيدا للحريات وإبادة للإنسان. لذلك تبدو أي جماعة متطرّفة أمامها كالقاعدة مثلا أو داعش و حتى مفردة" الإرهاب " نفسها حملا وديعا. وبالتالي يصعب على المرء ايجاد مصطلح مناسب وقريب إلى حد ما على هذه الجائحة التي طالما قلنا عنها( على الماشي) إنها بربرية ووحشية وذات طبيعية عدونية وشر متأصل بدأ يُعبّر عن نفسه بالتقسيط متخفيا خلف مظالم وشعارات واهية وعلى مراحل ابتداء من يونيو من العام (2004) إلى أن أطلق من عقاله وتفشى كالسرطان في الجسد اليمني في سبتمبر من العام (2014). في الواقع لقد فاق هؤلاء السفاحين الافّاكين كل دجّالي العالم الحديث وقتلته وإنتهازييه ومجرميه وفاقوا - أيضا- معلمهم الأول القابع في سراديب قم وطهران. وتأسيسا على ذلك أعترف لكم بأنني على المستوى الشخصي عجزت عن رصد جرائمهم وتوثيقها حسب خطورتها أو درجة إجرامها لأنهم أصلا وطوال اربع سنوات يبتكرون وسائل جديدة. فعلى سبيل المثال يأتون في الصباح بطريقة جديدة للتعذيب والقتل وفي المساء طريقة أخرى. ماكينة إنتاج العذابات ووسائل جزّ اعناق الابرياء والشرفاء لا تتوقف عن الابتكار حتى في الجانب المتعلق بالمبررات واقتحام بيوت المواطنين وحياتهم وتحويلها إلى جحيم. كما تبتكر شعارات وبيع الناس اساطير وخرافات جديدة مصحوبة بتكثيف خطاباتها الدعائية وفي الوقت نفسه افتتاح السجون والمقابر الجديدة ومضاعفة أعداد الجلادين والسجانين واللصوص العنصريين. ارجوكم..ارجعوا إلى الفديوهات القليلة التي جاءت من صنعاء وتحديدا من أمام الجامعة وشارع جمال وميدان التحرير يوم (6) أكتوبر الحالي وانظروا لآخر مشهد احتفالي قامت به هذه الجماعة / الشيطانية بحق شعب طيب وصاحب تاريخ حافل خرجت مجموعات صغيرة مسالمة من نسائه وطالباته تُعبّر عن الجوع والفساد لا أكثر. تأملوا كيف تعاطت معها وماذا صنعت بالمشاركات فيها وكيف حولت كليات الجامعة وسكن الطالبات، هذا طبعا قبل ان تعرفوا مالذي جرى بحق المخطوفات. لو سمحتم ارجعوا إلى صنعاء،اقيموا لأرواحكم وسمعكم وأبصاركم جسرا يصلكم بها.. استمعوا إلى أنين عشرات الآلاف من المعتقلين المعذبين ومئات الآلاف من الجوعى المقهورين على أيدي الحوثية. استمعوا - يا عالم - بسمعكم أنتم وليس بسمع الحوثي وإيران وإعلامهما. وانظروا بعيونكم أنتم وليس بعين القاتل الذي طالما حول الضحية إلى جلاد. صنعاء مكلومة تشتكي بحرقة..سجونها تبكي بحرارة، مآذنها تستغيث أبناؤها يموتون. مدينة الروح والحب والتعاييش والسلام تحولت على أيدي هوءلاء الذئاب البشرية إلى سجن كبير ومحرقة للحب والجمال ومعول للهدم والدمار. هل تعلموا إن الجريمة التي ارتكبت بحق طالبات جامعة صنعاء ونساء شارع جمال وحدها كفيلة بأن تجمع اليمنيين والعرب والعالم بأسره لفتح عمورية هذا العصر ( صنعاء) التي ينتهك شرفها وعرضها على أيدي اذناب فارس ودجّالي الولاية وأنصار الشيطان..وهناك ما لم نقله بعد عن أخلاق وجرائم هؤلاء تتعلق بأعراض اليمنيين وشرفهم سنحاول في وقت لاحق الإشارة إليها لصعوبتها وشدة وقعها على شعب عروبي محافظ وأصيل كالشعب اليمني.
عبدالكريم المدي
صنعاء عمورية العصور كُلها تستغيث.. تنتظر معتصمها 988