الحمقى حينما يداهمهم العجز في تصحيح خطيئتهم يواصلون الانحطاط في أشد صوره بشاعة. لا يستطيع أمثال هؤلاء المحنطين في تابوت "الولاية" أن يكونوا أكثر من وارث لسلوك طائش، عابر للزمن بكل ما فيه تجارب وعبر. اقتحام منازل الخصوم عمل جبان لا ينم سوى عن إفلاس جماعة لا تعرف من مظاهر الخصومة غير القتل وتفجير المنازل واقتحامها. يعكس هذا السلوك الطائش الطبيعة الخاصة لجماعة لا تستند في صياغة رؤيتها للعيش على وجه هذه الارض، وفي علاقتها بالآخرين، سوى على ما تبعثه فيها حمية الاعتقاد بالتميز السلالي من هواجس تدفعها باستمرار إلى الكراهية والعنف وافتعال الأزمات. وكلها تعبير عن عجز البائس من إصلاح حاله وترميم علاقاته بمحيطه. هذه الصفات أبقتها وستبقيها مجرد مجموعة تتسكع على هامش الحياة، لا تجيد غير الكراهية والقتل واقتحام المنازل أو تفجيرها، لا معنى للدولة عندها ولا للقانون ولا للنظام، ولا للحق الخاص، ولا لكرامة الإنسان، فكل هذه الكليات الإنسانية مشدودة عندها بخيط إلى مرجعية مستهلكة، كلما تحركت مع الزمن كلما شدتها المرجعية إلى افتعال الأزمات واستدعاء الماضي في أسوأ صور التوظيف الكارثي لتخريب المجتمع وتدمير البلد. لن تختزل المشكلة في إعادة المنازل المقتحمة كما يتوهمون، ولكن في تسليم الدولة المصادرة، فطالما بقيت الدولة مصادرة، فإن كل بيت في الحقيقة مقتحم ومصادر..
د.ياسين سعيد نعمان
بؤس العَجَزة 1376