من أين أنتم؟ سؤال تسمعه في أغلب نقاط التفتيش المنتشرة طوال الطريق.. في كل مرة استقل فيها وسيلة نقل، قاصداً عدن أو عائداً منها، يتكرر السؤال: من أين أنتم؟ كما وتتكرر الإجابة: نحن من الضالع، من ردفان، من لحج، من أبين، من عدن، من الجنوب. فلا أحد من صبيان العهد الثوري البليد، يمكنه استساغة أو قبول لفظة " اليمن". فهذا المسمى اليمن بات أشبه بمزمار شيطاني نشاز ومحرم في زفة عرس جماعة سلفية.. يتفحصك أحدهم، مشيراً إليك،فتخرج هويتك كرهاً وخجلاً من تفاهة السائل والسؤال.. لهؤلاء الصبيان الطائشين أقول لهم قولة "غراتيان": "السهام تُغرز بالجسد، أما الإهانة فتخترق الروح". طبعاً، المعنى واضحاً، فطلقة الرصاص يمكن التعافي منها، بينما إهانة الإنسان فذاك ميسم جارحاً لكرامته وكبريائه.. كما وأذكَّر هؤلاء بأن النازية وزعيمها ادولف هتلر اجتاحت ترسانتها معظم دول القارة العجوز " أوروبا " بما في ذلك الإتحاد السوفيتي الذي وصلته الفرق الألمانية إلى عقر داره "موسكو". وأيضاً، وصلت قوات "موسوليني" زعيم الفاشية في إيطاليا إلى إرتيريا وأثيوبيا في القرن الإفريقي.. وبرغم هذه الترسانة، وهذه القوة، والقدرة والطغيان والجبروت، هزمت النازية، وهزمت الفاشية؛ لا بسبب القدرات العسكرية، وإنما بسبب علة الفكرة العنصرية المؤسسة للاحتقار والدونية للمجتمعات الإنسانية. نعم.. حين ظن هتلر أن الأمة الألمانية مميزة في جيناتها البيولوجية، وفي دمها الآري الأزرق، وفي لغتها ورسالتها؛ كان هذا الاعتقاد المتطرف سبباً جوهرياً في سقوط تلك الأمة الألمانية في أتون حرب كارثية مكلفة للغاية مازلت فاتورتها تدفع للحظة. والحال ينطبق على موسوليني وممن هم على شاكلته،فمثل هذه الأصناف البشرية موجودة في الماضي والحاضر،والشيء الجامع لهؤلاء هو أنهم ينجحون سريعاً في تعبئة وحشد الجماهير ديماغوجياً، وعلى أساس جيني شوفيني عنصري أو جغرافي أو ديني أو فكري إيديولوجي؛ لكنهم في المحصلة يسقطون سريعاً وفي أول اختبار.. وفي اليمن ستسقط الحوثية والحوثيين،وسيغُلب الجنوبيين والجنوب، وستُسحق كل فئة باغية ظالمة متعصبة وأين وجدت وسادت،ما بقيت المُضغة واحدة وأن اختلفت الوجوه والأزمنة والأفعال والأفكار.. فمثلما ذهب ولغير رجعه مشروع توريث الجمهورية لعائلة صالح وأقاربه،ومثلما تحررت محافظات الجنوب من أقبح وارذل نظام عائلي عصبوي جهوي؛ حتماً ستذهب كل المشروعات والأفكار وحتى الأفعال والفئات المتكئة على العصبية للسلالة أو للجغرافيا أو للأيديولوجيا أو للمذهب والطائفة،كما وستهزم مثل هذه الأشياء عاجلاً أم آجلا.. فلسبب وجيه ومنطقي وواقعي،هذه الأفكار غير قابلة للحياة، وان نمت وازدهرت وقتياً،فكل من يحمل مثل هذه الأفكار،بكل تأكيد هو مشروع انتحاري مرشح للفناء اكثر من كونه مؤهل للحياة.. وكم يستفزني أولئك الذين يماثلون قاطع طريق أو لص وعربيد بثوار فيتنام أو الهند او اليمن أو مصر أو الجزائر؟ شيء يبعث على القرف والانحطاط. فما من ثائر حقيقي إلَّا ويحمل فكرة عادلة ونبيلة،ودون ذلك هو مجرد قاتل بلا قضية أو مبدأ جدير بالشرف والاحترام.. فحتى السلاح له أخلاقيات الحروب المتعارف عليها دولياً، ومتى تجرد حامل السلاح عن هذه الأخلاقيات،بات بحكم رجل عصابة ديدنه إزهاق المهجة وهرق الدم وترويع الآمنين وسلب الحقوق وإهانة السالكين ووووو..
محمد علي محسن
ما من عنصرية ستنتصر !! 1133