تدنت القيمة الشرائية للعملة اليمنية أمام العملات الأجنبية بشكل متسارع ومخيف في ظل تخبط حكومي وغياب الدعم الحقيقي من الأشقاء والأصدقاء ومع استمرار الحرب وظهور تحالف خفي يمثل المسؤولين والمغتربين والمنتفعين من هذه الكارثة ضد الشعب اليمني وإذا عرف السبب بطل العجب وتوجب الحلّ العمد ومن وجهة نظري ولست بخبير اقتصادي، لكنني سأتطرق لأهم الأسباب التي أدت وسوف تؤدي إلى مزيداً من تدهور العملة اليمنية أسردها في نقاط مُقتضبة: 1) استنزاف الاحتياطي البنكي من العملات الصعبة في السنوات الأخيرة. 2) طبع عملات بدون غطاء واحتياطي وضمانات وعدم سحب التالف من الأسواق وتقنينها. 3) عجز الحكومة عن دفع الرواتب وتوفير الاحتياجات الاساسية لها لتسيير عمل الدولة وزيادة معدل التضخم وارتفاع الدين الداخلي. وانخفاض العرض وزيادة الطلب على العملة الأجنبية. 4) غياب الرقابة على البنوك والمصارف في تحويل وخروج العملة الصعبة من اليمن دون البروتكول المعمول به سابقاً عن طريق البنك المركزي اليمني والذي يحد من تهريب العملة وكذلك انخفاض معدل الفائدة، وغياب ضبط وتنظيم عمليات الاستيراد. 5) زيادة عدد المصارف والبنوك غير المرخصة والتي انتشرت بشكل واسع وأصبح عددها أكثر من عدد البقالات وأصبحت محلات لغسيل الأموال السوداء بامتياز. 6) طول أمد الحرب ومع زيادة عدد المستفيدين من هذه الحرب (تجار الحروب) أدي إلى عدم الاستقرار. 7) تواطؤ محلي وإقليمي في استنزاف العملة الصعبة من السوق المحلية بهدف خلط الأوراق وفرض الأمر الواقع وإشراك أطراف مواليه وتحييد أطراف غير منسجمة معهم على المستوى الحزبي او الديني.. 8) تسابق التجار لشراء العملة الصعبة بهدف شراء صفقاتهم وكلها على كاهل المواطن. 9) تحويلات كبار المغتربين زادت خلال هذه الفترة للاستفادة من الطفرة الصرفية لشراء العقارات والأراضي والشركات في المناطق الآمنة. 10) للأسف الشديد سعر الصرف في المناطق المُحررة أعلى من المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين وهذا يعني غياب الأمن والردع والحزم في تلك المناطق وكأن المضاربة بالعملات تبدأ من هناك...! 11) لجوء عدد كبير من التجار وأصحاب العقارات الخائفين من كلا الطرفين بسبب غياب الثقة، لبيع ما يمتلكونه مع غياب الأفق في إيجاد حلول ناجعة للوضع اليمني وشراء العملات الصعبة والهجرة صوب (تركيا – مصر – السعودية -قطر ... إلخ) وشراء الفلل والشقق ...! 12) السلك الدبلوماسي الكبير والذي يزداد عدده يوماً بعد يوم وهو المستنزف الأكبر للعملة الصعبة في سفارات وقنصليات وملحقيات اليمن في دول الخارج والتي ليس لها داعي كوننا بلد في حالة حرب. ويكفي ممثل غير مقيم...!؟ 13) عدم وجود سياسة واضحة تجاه الملفات الاقتصادية وغياب الرقابة والمحاسبة للحكومات اليمنية في الداخل والخارج وعدم ترشيد المصروفات وتضخم عدد المسؤولين مع صرف رواتبهم بالعملة الصعبة لهم ولكل من ولاهم، ومن هم على شاكلتهم...! 14) صرف الإكراميات والهبات وشراء الذمم وبيع الأرض والرضوخ للخارج (فواتير الترضيات) وتعدد المشايخ والقبائل والفصائل المحاربة والأحزاب الهلامية المصلحية المستغلة وبالعملات الصعبة. 15) توقف تصدير الغاز والبترول بشكل رسمي وأصبحت من خلف الستار بلا رقيب ولا حسيب وتراجع الصادرات عموماً وعلى رأسها الثروة السمكية والمعدنية في المقابل زيادة الواردات. 16) توقف إيرادات شركات الاتصالات والتبغ وبيع المحروقات الداخلية وإيرادات الموانئ والضرائب والجمارك والزكاة والصناديق السيادية للدولة وذهابها للجبهات والافراد مع انتشار الأسواق السوداء وبيع المساعدات والمحروقات بأسعار خيالية. 17) التعبئة الجائرة في نهب المدخرات للمواطنين من الحُلي والمجوهرات بداعي دعم الجبهات الجهادية لاستنزاف الموجودات الفردية. 18) السكوت الإقليمي والدولي لوضع اليمن والذي ينسجم مع فتور والأداء الهزلي للحكومة الشرعية. 19) قلة الدعم والمنح والمساعدات والهبات المباشرة والتي كانت تقدم للشعب اليمني والتي أصبحت مرهونة بأعضاء تلك المنظمات وعلى رأسها الأمم المتحدة فيأكلون أكثر 75% من قيمتها وربما أكثر عبر سماسرتهم...! 20) تخبط الأداء الحكومي والاهتمام بمصالحها والتي تعتبرها فوق مصالح الشعب والتي تضاعفت بها عدد سفريات أعضائها ورحلاتهم المكوكية وإقامتهم هنا وهناك وكذلك مصاريف التأثيث والبدلات والعلاج والــــ ... إلخ بدون أي وازع من المسؤولية الوطنية في هذه الظروف الحرجة.. مع اننا لسنا بحاجة لهذه الحكومة التي عدد وزراءها أكبر من عدد وزراء الصين والمانيا وامريكا مجتمعين وكذلك الوكلاء ومدراء العموم... وكم يا مسميات و هَلُمَّ جَرّا. نحن بحاجة لغرفة عمليات مُصغرة لأداره شؤون البلاد بعيداً عن هذا الضجيج.. تخيلوا معي أيها القراء أن راتب موظف ما جدلاً كان في عام2013 ثمانين ألف (80.000) ريال يمني كان يعادل حينها 383.83دولاراً (سعر الصرف كان 214 ريال يمني). فكيف لو عاد الراتب المنُقطع منذ 23 شهراً فنفس المبلغ سوف يعادل اليوم 129 دولاراً فقط في 2018م (سعر الصرف اليوم قابل للزيادة 620ريال يمني). إذن من المستفيد من ذلك حيث يقدر الفارق بنحو 254.83دولاراً شهرياً أي أنه ما يعادل سنوياً 3057دولار فلو ضربناها بعدد الموظفين كم سيكون الناتج.! لابد من معالجة عاجلة وجذرية ووقفة حازمة والابتعاد عن العلاجات التخديرية المؤقتة ولابد من ربط راتب الموظفين بالدولار أسوة بالمسؤولين. وخلاصة الحديث إن تدهور العملة كان بسبب نهب الاحتياطي وغياب الامن واستمرار الحرب وعدم الاستقرار وتوقف الصادرات وعدم وجود حكومة نزيه في ظل فساد إداري ومالي، وكذلك تصارع الفصائل والأحزاب وتعاظم صرفيات السلك الدبلوماسي النائم، والتدخلات الإقليمية والدولية وغياب الدعم الحقيقي من الاشقاء والأصدقاء.. كذلك غياب السياسات الاقتصادية المتينة للحكومات اليمنية الانقلابية والشرعية وكلهم في الهوى سواء. وكما يقال إن مكانة أي دولة ومكانة أي شعب وأي فرد من المنظور الاقتصادي بمكانة عملة ذلك الشعب فكلما ارتقت العملة ارتقيت، فعملتك هي جواز سفرك أيها المواطن للأسواق وللتجار وامام الدولار، أتمنى أن أكون قد وفقت وطرحت أهم النقاط التي اراها هي المسببات الرئيسية لتدهور العملة اليمنية فتلك كانت الأسباب ولكننا نريد من حكومتنا أن تكون رشيدة وتأتي بالحلول السديدة ...!
فيصل أحمد الشميري
تدهور العملة اليمنية – واقع مخيف ومستقبل مظلم؟! 1452