- كل ما يمكن أن يقال بشأن التقرير الذي صدر مؤخراً حول حالة حقوق الانسان في اليمن أنه حشد كل الأخطاء الكبيرة والصغيرة للتغطية على الجريمة الكبرى التي ارتكبها الحوثيون وحليفهم صالح بالانقلاب على الشرعية الدستورية والتوافق الوطني ، والتي تسببت في كل ما عرضه التقرير من كوارث . - عمد التقرير إلى تجاهل هذه الجريمة وأخذ يعممها على الجميع بصورة لا تليق بهذه المنظمة التي يعول عليها في إكساب الدفاع عن حقوق الانسان بعداً يضع تقاريرها فوق الاعتبارات السياسية ، أو لانفعالات الشخصية . - يمكنناالاستدلال بثلاث شواهد من التقرير تعزز الاشتباه في طبيعته وبأنه سياسي يفتقر إلى الحياد أكثر منه حقوقي يدافع عن الحقوق المنتهكة . 1/ برر التقرير الانقلاب المليشاوي بأنه "صراع على السلطة" بين الحكومة الشرعية برئاسة عبد ربه منصور هادي والحوثيين وحليفهم صالح ، وهو عمل يتعارض بشكل صارخ مع مهمته ، ويتناقض مع قرارات الأمم المتحدة التي أدانت هذا الانقلاب على الشرعية والتوافق الوطني وأيدت مقاومته . 2/ إستخدم التقرير نفس تعبيرات الانقلابيين ( العدوان) في وصف مقاومة الانقلاب لاستعادة الدولة ، ورد ذلك بشكل بارز في حديثه عن معارك استعادة الحديدة من أيدي الانقلابيين بأنها "عدوان". وهو ما يجعل التقرير ملتبساً بموقف سياسي لا يعرف له سبب . 3/ إستخدم التقرير توصيفاً عجيباً للانقلابيين بأن أسماهم " سلطة الامر الواقع" ، وهو ما يحمل ضمناً مشروعية التعامل رسمياً مع سلطة من هذا النوع بالقياس إلى ما حدث في حالات أخرى . والتقرير ليس من حقه أن يوصف الحالة على هذا النحو بما يتعارض مع القرارات الأممية . - لقد لعب التقرير على بعض التناقضات الموجودة في الكتلة المقاومة للانقلاب باستخدام وتوظيف وتعميق اتهامات أجنحة فيها لأجنحة أخرى بنفس الاتهامات بل وأحياناً بنفس الألفاظ ، وهذا لا يعني أنه لا توجد أخطاء غير أن المعركة في هذا الجانب ، والتي تعد مصيرية، بكل المقاييس لا يمكن مواجهتها برخاوة وحسابات الإمبراطوريات الاعلامية التي كونتها الاطراف المختلفة لتبييض نفسها بعيداً عن المعركة الرئيسية ومتطلباتها . - ومع ذلك لا بد من أن نجعل من التقرير محطة مراجعة شاملة لأداء الفعاليات المختلفة المنضوية في إطار الشرعية ومقاومة الانقلاب بما في ذلك العلاقة مع التحالف واستعادة المبادرة في صياغة أولويات هذه المعركة المصيرية التي سيتوقف على نتائجها مستقبل اليمن . -الحقيقة هي أن التقرير بما شمله من حشد للأخطاء وبأسلوب ملتبس يهدف إلى توظيف الجانب الانساني لتطويق المشكلة السياسية والضغط به للوصول إلى حل دون أن تتبلور في الأفق ملامح هذا الحل كما حدث في كثير من الحالات .
د.ياسين سعيد نعمان
ملاحظات مختصرة حول "تقرير الحالة" 1487